ضحايا غزة.. واليوم التالى!

عشنا مائة يوم من قتل الأطفال، والنساء، والمرضى، والعجائز، وتدمير غزة على رءوس أهلها. أعتقد أن عدد الضحايا المعلن فى غزة ليس دقيقا، فالأرقام أكبر من ذلك بكثير، سواء للشهداء أو المصابين، نظرا لبشاعة الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى، وللظروف التى تعمل فيها حكومة حماس التى تبحث عن الدقة، ولكنها لا تستطيع بسبب الحصار الغاشم الذى يضربه الاحتلال على القطاع، فالذى ينظر إلى غزة فسيرى وكأنها ضُربت بقنبلة نووية، فقد تحولت إلى خراب، وأطفال غزة، ونساؤها، وكل من فيها الذين يبكون، ويبحثون عن الطعام، والماء، والمأوى، والمطر على رءوسهم فى مخيمات لم تحمهم منه- صورهم لن تذهب من الضمير العربى، أو الإنسانى تجاه إسرائيل، كما أمريكا، ودول الغرب التى شاركت وباركت هذه المجازر الإنسانية البشعة. لقد فجرت هذه الحرب الكراهية، والمخاوف، ولكننا نحن الذين نعيش فى الشرق الأوسط يجب أن نخاف أكثر، فهذه حرب محدودة خرّبت، وهجًرت، وشرّدت الملايين، لكن اليوم التالى سيكون صعبا على الجميع فى المنطقة، فالتنظيمات المتطرفة تستعد لهذا اليوم، وتركز مسرحها على كل شعوب المنطقة إذا لم تُحل القضية الفلسطينية، فيجب على كل دول المنطقة العربية أن تفكر فى اليوم التالى بعدم ترك قيادة المنطقة للمتطرفين، أو الأحزاب، أو الميليشيات، فهؤلاء يفكرون فى اليوم التالى، ولهم قيادات فى المنطقة، وأموال مرصودة جوالة للجماعات المتطرفة بها. إن اليوم التالى لحرب غزة سوف يأتى قريبا، وسيبحث المتطرفون عن نصر يقولون إنهم صنعوه، وسيجدون ضالتهم فى قوة متطرفة، أو متحكمة، أو أحزاب أخرى تدفع، وتمول، وسوف يستفيدون من الفراغ الهائل سياسيا، واقتصاديا بسبب الأزمات المتعاقبة التى خلفتها حربا روسيا-أوكرانيا، وغزة، وأزمة «كورونا»، وما نتج عن أحداث «الربيع العربى» ما بعد ٢٠١١ من خراب اقتصادى، وسياسى، ومعيشى. يجب على قوى الاعتدال فى المنطقة العربية أن تستيقظ لليوم التالى وإلا سيكون هذا اليوم صعبا على الجميع، خاصة إذا استأسد التطرف والإرهاب على حكومات إسرائيل القادمة ولم تعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، لهذا يجب على العرب اليقظة الكبرى لليوم التالى.
