مقالات الأهرام العربى

عفرين.. آخر قناع تركى!

فى حرب عفرين اكتشف السوريون أن ثورتهم لم تقض على البلد وحده.. وأن الثورة التى انطلقت للتخلص من بشار الأسد قد تخلصت من سوريا و السوريين أنفسهم..
فى حرب عفرين اكتشف العرب أن الأتراك لا يحاربون الأكراد فقط، بل يحاربون العرب أيضا، وهناك مؤامرة بالتعمية عن الاحتلال التركى للبلاد العربية، وما أحدثه من خسائر جسيمة فى الشخصية والبلاد العربية، بحجة أن بلادنا سقطت، بعد الاحتلال التركى البغيض، فريسة للاحتلال الأوروبى (الإنجليزى – والفرنسى)، ثم بعد ذلك سقطت تحت الهيمنة الأمريكية والسوفيتية طوال فترة الحرب الباردة، وكأنما تم فتح باب جهنم بعد الانهيارات العربية فى انتفاضات ما سمى الربيع أو الخريف العربى، لكى نكتشف الوجه القبيح للاستعمار التركى، وأطماعه فى بلادنا.

حرب عفرين كشفت آخر قناع للسلطان التركى أردوغان، وأنه لا يريد أى استقرار للبلاد العربية، وأنه أكبر متآمر فى هذه الحقبة على ما تبقى لبلادنا العربية من كيانات، ولم يكن وجود الإخوان المسلمين المصريين والليبيين والسودانيين والخليجيين تحت القناع التركى ملاذا آمنا فقط، بل كانوا هم جنود السلطان فى بلادنا.

ومحطات التلفزة التى تبث ليل نهار من تركيا لإسقاط بلادنا، ليست ملاذات ومحطات إخوانية تبث من تركيا دفاعاً عن الإخوان بل هى محطات تركية لعالم إخوانجى مدعوم من قطر ليقوم بالعمالة لصالح تركيا.

حرب عفرين أسقطت آخر الأقنعة التركية عندما تبين أن سوريا يمكن أن تستقر، فكشف أردوغان عداءه للأكراد، وقرر الإسهام فى تدمير ما تبقى من سوريا، بحجة الحفاظ على مصالحه القومية، ولإيقاف أى بادرة لانتهاء الحرب فى سوريا، لأنه المستفيد الأول من تدمير الدولة السورية، وتم نقل كل إمكانات سوريا ومواردها وشعبها إلى تركيا وآخرين..
وبعض السوريين يقاتلون فى جيش أردوغان لتدمير ما تبقى من سوريا، وضرب الهوية السورية نهائيا، حيث بات الشمال مستباحاُ للجيوش التركية.. كما أصبحت سوريا كلها مستباحة للجيش الفارسى ولجماعات وميليشيات الشيعة الإيرانية وحزب الله اللبنانى.

فى عفرين انتهى حلم سوريا الدولة، حتى لا تكون شبيهة بما يحدث فى العراق، بأن تقوم دولة حكم ذاتى للأكراد، وتسهم فى إعادة بناء الدولة السورية الحديثة.

وهكذا تآمر الأتراك مع الإيرانيين ووافقت أو سكتت أمريكا، وتواطأت روسيا بضرب الأمل السورى أو البريق الذى بزغ لإنقاذها، ويبدو أن هذا هدف إسرائيلى، فإسرائيل لا تريد أن ترى دولة سورية قريبا، ودخلت سوريا فى نفق مظلم انتظارا للترتيبات الإقليمية الجديدة الخاصة بقيام كيان فلسطينى أو حل حول القدس.

دخلت سوريا الدولة كجزء من هذه الصفقة المقبلة، وهكذا وجدنا النظام التركى الممثل لأردوغان يدخل هذه الحرب بكل ثقله لتدمير سوريا، حتى يجعلها جزءاً من الصفقة الإسرائيلية.
وهكذا عرفنا دائما أن تلك التيارات المتأسلمة تتحرك، وتتحرك فقط من أجل مصالح إسرائيل والغرب.. والقتل الأخير فى سوريا الآن على يد أردوغان ليس من أجل مصالح تركية، وما فعلته إيران من تمزيق سوريا ليس من أجل مصالح إيرانية..فالدولتان الإقليميتان الكبيرتان – تركيا وإيران – تآمرتا على سوريا لصالح إسرائيل.

وهكذا هى تركيا دائما منذ تاريخها الأسود مع العرب، ليس من ورائها شيء إلا التدمير والعمالة.

لكن أردوغان والإسلاميين الجدد فاقموا كل التناقضات التى شملت تاريخ هذه الدولة العجيبة منذ أن ظهرت، وقد حاولت الأتاتوركية إنقاذ ما تبقى من هذه الإمبراطورية الكسيحة بحماية دولة الأتراك، ثم جاءت الأردوغانية ليس لتجهز على الغرب بل لتتآمر على تركيا نفسها، وسوف يكشف التاريخ أن الأردوغانية الاستعمارية الجديدة هى نهاية الدولة التركية التى حاول إنقاذها أتاتورك، وأن تركيا المعاصرة ستكون مستعمرة أوروبية، وستسقط السقوط الأخير بعد أن حلله أردوغان وجماعته، ولن يبكى أحد على تركيا، كما لن يبكى أحد على ملالى إيران.

والمعركة لن تنتهى فى سوريا، ولكنها ستنتهى بين العرب والملالى، فالأردوغانية سوف تنتهى فى أنقرة أو أسطنبول أو فى طهران.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى