مقالات الأهرام العربى

رحلتى مع الأهرام العربى

«الأهرام العربى» لم تكن حلما فقط. فمنذ أكثر من 21 عاما تجمعت لدى رؤية، رأيتها كالحلم، ووسعها خيالى، أن أجعل لـ«مؤسسة الأهرام»، مجلة متخصصة تعبر عن كل العرب.

تحمل فى طياتها أحلاماً، كانت قد صاغتها الأفكار مع انطلاق مصر بعد قيام الجمهورية عقب ثورة يوليو المجيدة 1952، تلك الثورة الحالمة بالعروبة من منظور الوحدة السياسية أو الإيديولوجية.
كان جيلنا قد انكوى بتجارب وحدوية واتحادات فاشلة، لم تنجح فى أى فترة زمنية، قصيرة أم كبيرة، حتى كدنا من الإحباطات والنكسات نتصور أن العيب فيما نفكر فيه، وليس فى أخطاء التنفيذ، وأدركنا أن تجارب كل الأيديولوجيات من قومية ودينية قد سقطت وعفا عليها الزمن، واكتنفت كل شعوبها مراجعات ورؤى جديدة.

وما زلت أتذكر كاتبا كبيرا يعده جيلى مرجعية فى الصحافة الجميلة، خصوصا عالم المجلات، وهو يثنينى عن الفكرة ويقوم بتسفيهها، ويقول”من إمتى الأهرام عربى”؟
ويؤكد أنهما ثقافتان مختلفتان، إن لم تكونا متناقضتين لا تجتمعان!!

ولكن كان إصرارى على إصدار «الأهرام العربى» لمصر وكل العرب، ليس من المنظور الأيديولوجى، ولكن من منظور آخر، هو وحدة السوق التى كنت أشعر بها، وأدركها بوضوح.

قلت له كما أن صحيفة (الأهرام) المعاصرة تكتب وتقرأ باللغة العربية، وتفكر وتحس وتشعر بالعربية، منذ أكثر من قرن، قبل إصدار «مجلة الأهرام العربى» ولم يبق إلا تدشينهما معاً فى أسم واحد، وقد حدث وصدرت المجلة، وأصبح لها مضمون، وتضم جيلا من الصحفيين والكتاب، متحمسين للفكرة، يدركون بوضوح وجلاء حلمهم بالعروبة، ووحدة السوق من المنظور الجديد، أكثر عمقا ووصولا للقارئ من الأيديولوجيا والسياسة التى سقطت، بل إن هذا المنظور هو طريق صحيح لصناعة عالم جديد، يفكر ويخطط بلغة العصر.

وها هى تحتفل بعد 21 عاما بموهبة مصرية كبيرة، هى موهبة محمد صلاح، وتحتفل بصناعة الأمل والحلم.

كانت رحلتى مع إصدار الأهرام العربى «تسع سنوات من 1997 حتى 2005» من أجمل سنوات عمرى، رسخت الفكرة، وجعلت الحلم حقيقة، بمساعدة جيل من الشباب، كان فى أول طريقه فى مهنة المتاعب التى بدأها فى الأهرام العربى، ومنها انطلقوا ليصنعوا إعلاما جميلا فى كل مكان فى مصر، صحافة وتليفزيون ومراسلين ووكالات أنباء وصولا إلى الصحافة الإلكترونية..
أصبحوا نجوما لامعة فى سماء المهنة، كنت ومازلت أتابع مسيرتهم وهم يبدعون كصحفيين متخصصين فى الفنون والثقافة والسياسة والاقتصاد والفكر، ومن لم يصبح منهم رئيسا للتحرير، أصبح نجما تليفزيونيا أو فى السينما والثقافة والأدب وحصلوا على الجوائز..

لم يسقط منهم أحد، ووجدوا أنفسهم ووجدهم القارئ، وأنا أحتفى بهم وأفخر فى كل مكان، وأشعر بأن (الأهرام العربى) لن تنجح وحدها، وأن أبناءها لم ينجحوا وحدهم، ولكن الرؤية نفسها هى التى نجحت.

هزمت الفكرة الحرب التى شنت على مصر فى عهد أنور السادات، وكانت مصر قد اتفقت على مسار لحل المشاكل مع إسرائيل بالمفاوضات، وهنا برز جناحا البعث فى العراق وسوريا (صدام والأسد) لمعاقبة مصر، وتخويف العرب من المسار المصرى الذى لم يستطع أحد أن يوقفه، واتفقت منظمة التحرير على المسار فى بدايه التسعينيات، ونجح البطل الفلسطينى الملهم عرفات فى العودة إلى فلسطين ليقود الصراع مع إسرائيل على الأرض الفلسطينية، ولكن بسبب الإيرانيين توقف المسار فى لبنان إلى أن وافق العرب فى قمة بيروت وقبلها على مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهى حل الصراع مع إسرائيل عبر المفاوضات وعبر الأرض مقابل السلام ، ومازال الحل المصرى هو الحل الممكن الوحيد للصراع العربى الإسرائيلى ولمستقبل قضيه فلسطين، رغم أنها مازالت تكتنفها المصاعب.

ومع كل ذلك، تتجدد فكرة ورؤية الأهرام العربى فى هذا العصر، وتبرز صورة مصر وتحالفها مع الأشقاء فى السعودية والإمارات والبحرين لإنقاذ العرب من التدخلات الخارجية.

وهكذا تتأكد فكرة الأهرام العربى فلم تكن هناك وسيلة إعلامية أو صحيفة فى بلادنا تغطى الأحداث العربية وتطوراتها إلاَّ الأهرام العربى ولا تجد هذه الأحداث مكانة متميزة إلا على صفحاتها.
واليوم أصبح الخبر المنشور فى الأهرام العربى قادرا على الوصول إلى العواصم العربية، ينقل نبص العرب للمصريين وينقل نبص وروح مصر للعرب..

ما حدث منذ 21 عاما، أكد لنا عمق الرؤية، وأن الحلم يتحقق عندما يكون صادقا، وهكذا انتقلت من رئاسة الأهرام العربى إلى الأهرام لكى أكرس فكرتى وأنجح بها..
واليوم أشكر كل أبناء الأهرام العربى، وهم يقودون الرؤية، ويصنعون عالما جديدا وصحافة جديدة ستكون معها الأهرام العربى فى مكتبة كل مسؤول وفى يد كل قارئ..
إنه عصر الأهرام العربى، عصر مصر فى عالمها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى