مقالات الأهرام اليومى

العراقيون في قلوبنا

يدخل العراق والعراقيون عامهم السادس تحت الاحتلال الذي يمثل مأساة كبري لعالمنا العربي ومنطقتنا‏!‏

فقبل‏5‏ سنوات غزت أمريكا وحلفاؤها العراق بعيدا عن الشرعية الدولية ضاربة بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط ونجحت خلال أسبوعين في إزاحة النظام الحاكم‏..‏ وهللت لما زعمته الانتصار لكنه كان في الحقيقة كارثة كبري فلقد انفجر العراق وخرج عن السيطرة بالرغم من الوجود العسكري الكبير والتكلفة الباهظة للحرب البشعة‏.‏

لقد عرف الأمريكيون كيف يفككون النظام ويحاكمونه ويعدمون رموزه‏..‏ ولكنهم أخرجوا من القمقم ما لم ينتظروه وأصبحوا عاجزين عن مساعدة الشعب الذي وقع ضحية هذه الجريمة البشعه فهم ليسوا قادرين علي إعادة إعمار العراق بعد أن خربوه‏.‏

إن الحرب أوقعت العراق كله في كارثة انسانية يصعب تصورها فهي الأكثر خطورة في عالمنا المعاصر وكل المؤسسات الدولية تعترف بأن الأمل ضئيل ـ بل يكاد يكون معدوما ـ في انقاذ حياة‏27‏ مليون عراقي بلا ماء أو كهرباء أوعمل أو وسيلة حياة او معيشة‏.‏

وأعود فأقول إن امريكا جورج بوش الابن دخلت العراق بكذبة أو بتقارير ملفقة لاجتثاث أسلحة دمار شامل عراقية مزعومة‏..‏ فكان من الطبيعي ألاتجد شيئا‏..‏ وعلي العكس فقد زادت من أطماع إيران وقدرتها علي انتاج أسلحة الدمار الشامل وأفقدت أمريكا مصداقيتها في مواجهتها مع إيران‏..‏ فالفرضية الأولي تبطل الحجة الثانية‏!‏

وعندما ثبت بعد الحرب خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل اخترعوا البديل وهو مواجهة الارهاب والتطرف‏,‏ متناسين أن العراق السابق كان خاليا من الارهاب والمتطرفين وكانت الحرب هي فاتحة الارهاب في البلاد التي لم تشهده من قبل‏.‏وقوضت الحرب فرص العراق والمنطقة في الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأنها فتحت المجال لعدم الاستقرار والقلاقل والفتن الطائفية البغيضة‏..‏ بل والحروب المستمرة بين الطوائف‏.‏

عراق اليوم ربما يكون قد تحرر من حكم صدام حسين الديكتاتوري ولكنه اصبح فريسة لمحن وفتن جديدة‏….!‏

عراق اليوم سيطرت عليه ميليشيات مسلحة‏,‏ وسياسيون قادمون من الخارج لا يعرفون عن الشعب والوطن شيئا في عمليه سطو يسميها الأمريكيون عملية ديمقراطية‏.‏

عراق اليوم‏..‏ ولدت في رحمه دويلات او كانتونات صغيرة منقسمة تضع نفسها في خدمة جيرانها الأكبر‏.‏ او من يدفع أكثر فضلا عن اندلاع الحروب والفتن الطائفية داخلها‏.‏

عراق اليوم يعيش شعبه حياة صعبة بل مستحيلة‏,‏ فقد انتشرت فيه الأوبئه والأمراض وانعدمت الخدمات‏..‏ و دخل حزام انتاج المخدرات وتهريبها‏..‏ حيث أدخلت الأفغنة إلي المجتمع العراقي‏..‏ الذي كانت أمريكا تزعم تحديثه وتحريره واطلاق ملكات شعبه وتقدمه‏.‏

الأمريكيون الذين صنعوا تلك المصيبة الكبري مازالوا غير مدركين انهم خسروا الحرب بعد مقتل نحو‏4‏ آلاف جندي ووقوع اكثر‏40‏ الف جريح وقوضوا اقتصادهم باكبر تكلفة حرب في التاريخ حيث تتجاوز‏3‏ تريليونات دولار‏,‏ والخوف هو ان تقوض تكلفة الحرب ليس الاقتصاد الامريكي وحده بل الاقتصاد العالمي كله والذي سيدخل مرحلة الكساد الكبري والانهيار بعد أن وصل سعر البترول إلي‏110‏ دولارات وهو أحد تداعيات هذه الحرب المظلمة‏.‏

إن العرب مازالوا غير مدركين للهزيمة الأمريكية وانهيار المنطقة‏.‏ وعليهم أن يسارعوا إلي تعزيز وحدتهم واستقلالهم لانقاذ بلادهم‏,‏ فقد بدأت ساعة الحساب للأخطاء الأمريكية الكبري‏.‏

osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى