نحـن.. وأوروبا

في زيارة الرئيس حسني مبارك إلي باريس وبرلين, أهم عاصمتين في أوروبا, كانت الصورة أكثر من واضحة.. فلقد أكدت مصر جدارتها وحيويتها في إدارة سياسة خارجية فعالة علي الصعيدين السياسي والاقتصادي.. وفي الزيارة الأولي كان الحدث بارزا في اللقاء الذي استبق قمة مبارك وساركوزي في قصر الإليزيه, عندما التقي الرئيس في مقر مجلس أرباب الأعمال الفرنسي ميديف مع رؤساء كبريات الشركات الفرنسية, الذين احتشدوا للاستماع إلي الرئيس مبارك.
فهم يريدون أن يعرفوا مصر عن قرب, وأن يستمعوا إلي رئيسها الذي يرونه قائدا حكيما صنع السلام والاستقرار لبلاده, في منطقة تموج بالصراعات والحروب, وقال الفرنسيون ما يجب علي كل المصريين أن يعرفوه, وأنتخب منه بعض المفردات مثل قولهم: إنه نتيجة للإصلاحات الهيكلية وخفض الجمارك والضرائب, فقد أصبحت فرنسا المستثمر الأول في مصر.
إن رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبري لا يجاملون ولا يتجملون ولكنهم يقولون الحقائق, وتترجم كلماتهم إلي أعمال وإنتاج, فهم في عصرنا الراهن أهم من الحكومات, لأنهم منتجو السلع والخدمات.. كما أن أصحاب مؤسسات التشغيل يتكلمون عن مصر بعمق واحترام متزايدين, ليس لأن لها عشقا وهوي خاصا لدي الفرنسيين الذين يعرفون تاريخنا وثقافتنا القديمة أكثر من أي شعب آخر, ولكنهم يتكلمون عن مصر المعاصرة.. مصر التي صنعت السلام, وتعمل من أجله, مصر التي تتطور اقتصاديا.. فهم يتكلمون عن مترو الأنفاق المصري وشبكاته الثلاث, مثلما يتكلمون عن نهر النيل ومشروعاته وحمايته, وعن قطارات السكك الحديدية الجديدة, والطاقة النووية المرتقبة, وعن كل البناء المصري الحديث. لقد كان لقاء الرئيس مبارك بالشركات الفرنسية وأصحاب الأعمال الفرنسيين, صورة حضارية كبري لمصر الحديثة, علينا أن نفخر بها ونقدرها لرئيسنا الذي يحترمه الجميع ويقدرون دوره في بلاده ومنطقته, حيث قالوا عن مصر إنها أرض الحضارة والسلام, ومثلما كان رجال الأعمال والسياسيون يحتفون بالاستثمارات والمشروعات.. كانوا أيضا يتكلمون عن الكتاب والأدباء الكبار الذين نسجوا عبر أعمالهم وكتبهم أسطورة المتوسط وعلاقات البلدين عبر التاريخ.
واتجهت قمة مبارك وساركوزي نحو أفضل الأساليب لبناء الاتحاد المتوسطي, الذي يعتبره الفرنسيون ورئيسهم الأخ التوءم للاتحاد الأوروربي, بما له من منظومات تضمن السلام والأمن, وتعمل علي البناء مثل إنشاء بنك متوسطي لتمويل المشروعات المشتركة, وهي فكرة فرنسية جديدة تتبلور بالكامل مع نهاية هذا العام في مؤتمر قمة للدول الأوروبية السبع المتوسطية مع دول جنوب المتوسط, وهي أيضا لا تتعارض مع منظومة برشلونة للتعاون مع أوروبا التي ظهرت عام1995, عندما تم تحديد المهمة الأساسية في السياسة المتوسطية للاتحاد الأوروبي.
……………………………………………………………………………..
ويؤكد لقاء الرئيس مبارك والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم في برلين من جديد, قدرة مصر وسياستها الخارجية. ولعل المراقبين والمتابعين يتوقفون أمام ما أعلنته الحكومة الألمانية أمس في خطوة غير مسبوقة قبل اللقاء المنتظر بين الرئيس والمستشارة عن تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين برئاسة وزيري الخارجية, الهدف منها رفع مستوي التعاون وتوثيق العلاقات, باعتبارها لجنة توجيه مصرية ـ ألمانية تكتشف آفاقا ورؤي جديدة للتعاون الاقتصادي والصناعي والتنسيق السياسي. وبلا شك فإن الإعلان عن اللجنة الذي جاء مستبقا الزيارة, يعكس المكانة السياسية والاقتصادية التي حققتها مصر وألمانيا.
هكذا نري أوروبا اليوم وكبار قادتها وسياسييها وصناع الأعمال وأصحابها, وهم يتسابقون لتعميق علاقاتهم وصداقاتهم وتعاونهم مع مصر. إنها مكانة مصر.. وقدرة ودور ورؤية رئيسها حسني مبارك.
osaraya@ahram.org.eg


