مقالات الأهرام اليومى

السيد حسن‏…‏ عـد بطلا‏!‏

مازلنا نخاطب زعيم حزب الله باسم السيد‏..‏ ونطالبه بالعودة إلي قواعده‏.‏

نعترف بتشابك وتعقد الأمور في لبنان‏..‏ فهي ليست بلدا عاديا فهو بلد الطوائف حيث زعيم الطائفة هو رجلها وبطلها‏..‏ كما ان الأوضاع الاقتصادية والموروثات الأخري جعلت للبنان امتداداته الخارجية‏!.‏

وكل طائفة اذا ارادت ان تحترم صيغة العيش المشترك عليها أن تحترم الطائفة الآخري‏..‏ والا تخترق أو تتجاوز حزام الطوائف‏..‏ أو حتي تحاول أن تفرض علي أي طائفة أخري زعامات أو قوة هامشية مطرودة من الطائفة أو متنافسة مع قياداتها الشرعية‏..‏ بقوة السلاح أو البطش لحسابها‏..‏ والا تحولت الوجوه المفروضة الي وجوه كالحة تستحق العقاب‏..‏ لأنها أستعانت بالقوة خارجيا وداخليا وأعملت في أهلها السلاح كما يحدث الأن في بلد ديمقراطي‏..‏ وإذا شئنا الدقة فهي ديمقراطية الطوائف فكل طائفة لبنانية مازالت لها حرية إختيار قيادتها ومن يمثلها ويتكلم بأسمها‏..‏ إلا الطائفة الشيعة‏..‏ فهي مرغمة علي أن تمتثل لقيادة حزب الله لأنها الجماعة اللبنانية الوحيدة التي حصلت بموافقة كل الطوائف علي ترخيص حمل السلاح‏..‏ بأسم شرعية المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي‏.‏

هذه الشرعية ظلت تحظي بالاحترام حتي خرج السلاح عن استخدماته المشروعة‏..‏ فالسلاح في حد ذاته حتي ولو كان في يد المقاومة ليست له قدسيته إلا عندما يستخدم في مكانه‏!.‏

وعندما يتم تصويب السلاح الي شركاء الوطن فهو يرتكب جريمة‏..‏ ويجب أن يحاسب عليها‏.‏

هذه الجريمة وقع فيها من قبل صدام وبن لادن‏..‏ الأول عندما أحتل الكويت متصورا وبأسم انتصاره علي إيران أنه أكتسب عند العرب حقوقا‏..‏ والثاني عندما نصب نفسه زعيما للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ومتحدثا بأسم الجميع وذلك بأسم انتصاره في حرب أفغانستان ضد السوفيت‏.‏

ويجيئ اليوم السيد حسن نصر الله باسم الطائفة الشيعية اللبنانية تحت خرافة نصر المقاومة الاسلامية‏..‏ وانتصار الثورة الايرانية ليحتل لبنان ويفرض نفوذه علي كل الطوائف‏.‏ هذا ليس حقه أو حق طائفته ولن يعترف به أحد‏..‏ كما أننا نختلف مع أقلية عربية أخري واقعة تحت التأثير الإيراني في سوريا وقطر‏.‏ والذين يقولون إن مايحدث في لبنان شأن داخلي إنما يقولون حقا يريدون به باطلا فالشأن اللبناني ملك لكل الطوائف وعندما نمكن جماعة مسلحة في طائفة‏.‏ ثم نمكنها من كل البلد‏..‏ نكون شركاء في جريمة لايتحملها ضمير أحد‏..‏ خاصة وأن مسوغات الجريمة واضحة وتتم بإيعاذ إيراني وبسلاح إيراني عبر مساعدة عربية لوجستية قادمة من سوريا علي حساب كل اللبنانيين بل وعلي حساب المنطقة‏..‏ وحسابات كل سكانها فنحن لانقبل أن نضع قضايانا ونرهن بلادنا ومنطقتنا في سبيل مصالح جماعة مسلحة تتلقي تعليماتها وسياساتها من إيران‏..‏ ضد المصالح العربية الاستراتيجية ولن نقبل ولن يتحمل ضميرنا أن نري العربي اللبناني السني أسيرا لدي جماعة أو طائفة شيعية كما شهدناه علي التليفزيونات الممولة إيرانيا‏.‏

ماذا تريد إيران بالضبط؟ سؤال يجب أن نبحث عن إيجابته بشكل مباشر‏!‏ إذا كانت تريد المنطقة أن تقف معها لتخلصها من أزماتها الراهنة‏..‏ فلماذا تتصرف معنا كذلك؟ هل لكي ترغمنا بأسم الكفاح المسلح ضد أمريكا وإسرائيل أن تدفعنا الي هاوية الصراع للدفاع عن مصالحها؟ هل تريد أن تسلب القرار العربي من أصحابه‏..‏ بحجة هذا الصراع‏..‏ نقول لها هذه جريمة في حق العرب فنحن اللذين قاتلنا وانتصرنا ونملك قرارنا كاملا‏..‏

أما السيد حسن نصر الله‏..‏ فنحن نريد أن نذكره أنه لم ينتصر في لبنان ضد إسرائيل وحده‏..‏ بل مع شركائه وتحديدا قيادة الرئيس السنيورة وزعامة سعد الحريري ووليد جنبلاط والبطريرك الماروني نصر الله صفير والرئيس الجميل‏..‏ كانوا هم ظهره وسنده‏..‏ هم الذين ساعدوه علي هذا الصمود‏..‏ والغطاء العربي كله الذي رفض الحرب وطالب بايقافها كان له تأثيره‏..‏ في حماية حزب الله والاحتفاظ به للعرب وليس لإيران‏..‏ فليس لك حق أن تنقلب اليوم عليهم‏..‏ أو ترتكب تلك الجريمة الكبري‏..‏ التي ستجعل منك مجرما يستحق المحاكمة وإذ لم يكن اللبنانيون قادرين علي ذلك اليوم فبوسعهم سحب الغطاء الذي منحك البطولة‏..‏ ولإيران نقول لها أنها لن تستطيع خوض صراعها القادم بدون دعم عربي‏.‏ وأن مصيرها بغير الدعم العربي هو الهزيمة‏.‏

ما يحدث الأن في لبنان‏..‏ إستخدام إيراني للقوة مع العرب في غير موضعها‏..‏ يسلمها بأسم الجميع الي المجهول‏..‏ لاتفتحوا علي المنطقة أبواب جهنم‏..‏ أحترموا قواعد اللعبة السياسية‏..‏ ولاتتحولوا الي مجرمين وقتلة أمام المجتمع الدولي وأنتم تستاسدون علي أصحاب الحق الشرعيين في حكم لبنان‏.‏

ونقول في النهاية للسيد حسن عد بطلا كما كنت في صراعك ضد إسرائيل وتحت راية المقاومة بدلا من أن تصبح مجرما وخارجا علي القانون لان العدوان بأسم البطولة علي شعبك في لبنان لن يكون الا جريمة غير قابلة للغفران‏..‏ ستدفع ثمنها يوما لأن الزمن علمنا أن المجرم لايفلت دائما‏.‏

عودوا الي الحق والحقيقة معا والمبادرة العربية التي تقدمها مصر والسعودية وحكماء وعقول المنطقة إلي زعماء لبنان‏..‏ ترفقوا جميعا بمصالح وطنكم ولاتنجرفوا فتذهب كل أوراق قضيتكم إلي أياد خارجية وتذكروا سنوات الحرب الأهلية البغيضة‏.‏ لم يربح فيها لبناني واحد‏..‏ ودعونا نتذكر أن ماحدث يوم الجمعة‏9‏ مايو باقتحام ميليشيات شيعية مسلحة سواء من حركة أمل وحزب الله‏..‏ لم تكن المرة الأولي في تاريخ لبنان فقد كانت الأولي عام‏1985‏ وكان الامر قادما كذلك من الخارج‏..‏ ومازال أهالينا في لبنان وبيوتات وأحياء بيروت يتذكرون ظلم ذوي القربي المدججين بالسلاح وهم المسالمون غير المسلحين‏.‏

وتحية للزعيمين سعد الحريري وجنبلاط عندما رفضوا الانجراف نحو استخدام السلاح في أحياء بيروت وتحملوا بلطجة البعض فارتفعت قامتهم وزعامتهم ومكانتهم بين أهاليهم وفي محيطهم ولن نقبل ويجب جميعا الا يقبل عربي واحد‏..‏ أن يتعرضوا للخطر أو حتي للشماته من زعماء خيال الظل ومن منتهزي فرص الكوارث السياسية حبا في الظهور وتحقيقا للمكانة الوهمية أما ما تعرض له زملاؤنا الصحفيون في محطات التليفزيون والصحف العربية‏..‏ فهو ليس الا محاولة جديدة لتكميم الافواه ومصادرة الحق في الرأي في زمن الإعلام المفتوح والحرية فهي جريمة جديدة وخطيرة بكل المقاييس نرفضها وندين مرتكبيها ونطالب بمحاكمتهم ولن يعفيهم التاريخ أن يقولوا إنها نقاط لمليشيات أو مركز تسليح فالعالم كله يعرف من هم المسلحون ومن هم أصحاب المليشيات في لبنان‏..‏

عودوا الي العقل والحكمة وتفهموا الخطر الذي يهدد الجميع في منطقة ملتهبة بل ومشتعلة هي الشرق الأوسط‏.‏

osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى