مقالات الأهرام اليومى

نحن‏..‏ وعام من الأزمات الكبري

هذا العام الذي نودعه كان بلا جدال عام الأزمات العالمية‏,‏ أزمة في الغذاء‏,‏ وأخري تهدد بركود اقتصادي عالمي‏.‏ وما يعنينا من تلك الأزمات عالمية كانت أو إقليمية هو مدي تأثيرها في واقعنا المحلي‏,‏ ولاشك أن الوقوف علي حقيقة العلاقة بين ما يحدث في الخارج وما يقع في الداخل ضرورة لابد منها‏,‏لتقييم مانحن فيه وما نحن مقبلون عليه بل هو ضروري أيضا لفهم ما جري في بلادنا علي مدي سنوات مضت‏,‏ وربما لايدرك الكثيرون أنه دون ما تم من إصلاحات اقتصادية لكان موقفنا اليوم من تلك الأزمات‏,‏ التي جاء بها عام‏2008‏ مختلفا تمام الاختلاف‏,‏ وما أسفرت عنه أزمة الغذاء والأزمة الاقتصادية الراهنة من نتائج وتأثيرات في واقعنا المحلي يؤكد أننا علي الطريق الصحيح‏,‏ وأنه لابديل عن المضي في هذا الطريق‏.‏

إن أحد المتغيرات الرئيسية التي أسهمت في تخفيف حدة الأزمات العالمية في مصر هو تحسن الأداء الاقتصادي للحكومة‏,‏ وهذا التحسن أكدته كثير من التقارير الدولية‏.‏ وقد جاء نتيجة مباشرة لمتغير سياسي بالغ الأهمية بدأناه عام‏2005,‏ ففي ذلك العام تم انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا وفق برنامج انتخابي معلن‏,‏ وكان هذا البرنامج محددا في كل ما جاء به‏,‏ واختلف بعضنا مع البرنامج‏,‏ واعتبروه وعودا لايمكن تحقيقها‏.‏ ولكن بعد مضي ثلاث سنوات من عمر هذا البرنامج وبداية العام الرابع فإن كل الدلائل تشير إلي أننا أنجزنا في نصف المدة أكثر من نصف ما وعد به البرنامج‏.‏

وبرغم عام الأزمات‏,‏ فإننا في كل يوم نشهد المزيد من الوعود تتحقق علي أرض الواقع‏.‏ وكان وجود برنامج رئاسي محدد حظي به الرئيس حسني مبارك علي ثقة الشعب‏,‏ نقطة تحول هائلة في تعظيم قدراتنا علي الإنجاز في كثير من المجالات‏.‏ فقد أصبح لنا في النهاية مرجع نحاسب الحكومة علي أساسه وهو مرجع ظل غائبا سنوات طويلة‏.‏ فلقد أصبح مبدأ المحاسبة من الرئيس ومن الشعب قوة دافعة للحكومة علي الأداء المتميز‏,‏ وقد تحقق برغم كثير من المشكلات التي نواجهها‏.‏

ففي عام الأزمات لم تتوقف عجلة التنمية ولم تقل الإنجازات‏.‏ حيث تراجعت البطالة عما كانت عليه من قبل برغم الزيادة السكانية التي تدفع إلي سوق العمل سنويا بأعداد كبيرة‏.‏ وهذا التراجع في معدلاتها مؤشر مركب علي تطورات وإنجازات متعددة ومتشعبة في كثير من المجالات‏.‏

وحين يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو قدره‏7.2%‏ في ظل أوضاع اقتصادية متأزمة فإن ذلك مؤشر علي نجاح سياسات التنمية في بلادنا‏,‏ وحينما نستطيع جذب أكثر من‏13‏ مليار دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر هذا العام فنحن أمام مناخ جديد للاستثمار أوجدناه‏,‏ وحينما نصل بصادراتنا السلعية هذا العام إلي ما يقرب من‏30‏ مليار دولار فقد تجاوزنا كل الزيادات التي حققناها في التصدير لسنوات طويلة‏.‏

وفي مواجهة الأزمة أثبتت الحكومة قدرتها وكفاءتها في حماية اقتصادنا الوطني من الآثار المدمرة التي أنذرت بها الأزمة اقتصادات دول كثيرة‏.‏ فلا أحد ينكر أننا معرضون لتأثيرات ما يحدث في اقتصادات العالم‏,‏ ولكن القضية الأهم هي كيف نقلل إلي الحد الأدني من تلك التأثيرات وكيف نتعافي مما قد يلحق بنا من تأثيرات؟‏..‏ ولاشك أنه في مواجهة الأزمات لابديل عن حشد الطاقات والجهود‏.‏ فالحكومة لاتملك عصا سحرية‏,‏ ولكنها تملك رؤية ووسائل تحقيقها‏,‏ ولكن وسائل التحقيق ليست حكومية خالصة‏,‏ ولن تواجه أمة أزمة بهذا البعد العالمي وهي منقسمة وغير قادرة علي التحاور الهادئ فيما بين أبنائها‏,‏ ولن تواجه أمة أزمة بهذا الحجم وهي متشككة في كل شيء ومترددة‏,‏ حيث تحملتنا الحكومة طويلا نقدا وتجريحا وتشكيكا‏,‏ وبرغم كل ذلك تقدمت واقتحمت عشرات المشكلات واستحقت تقدير البعض في الداخل والكثيرين في دوائر المال والاقتصاد في العالم‏.‏ واليوم تواجه‏,‏ نيابة عنا وحماية لمصالحنا‏,‏ أزمة عالمية ضربت اقتصادات كبري‏.‏ وهي اليوم تستحق منا أن نقف وراءها وندعمها ونستجيب لدعواتها‏.‏

إن الحكومة التي تتعرض كل يوم للنقد والتجريح هي نفسها الحكومة التي حالت حتي الآن دون أن نشعر بآلام الأزمة العالمية الراهنة‏,‏ وهي التي تعمل بكل جهد ممكن حتي لاتصيبنا سهامها المقبلة‏,‏ فهل يمكن في سبيل هذه الغاية النبيلة أن نتوقف قليلا عن السخط والتشكيك‏,‏ وأن ندع هؤلاء الرجال يعملون من أجل وطن ليس لدينا غيره؟‏..‏ هل يمكن أن نستبدل الأمل والثقة في قدراتنا مرة بالشكوك التي لايتوقف البعض عن نشرها يأسا وإحباطا؟ دعونا نجرب شيئا من الأمل‏,‏ وشيئا من الثقة في حكومتنا‏,‏ وهي تواجه واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية وطأة منذ ثمانية عقود‏,‏ ولست أدعو إلي التغاضي عن محاسبة الحكومة فهي أول من يرحب بذلك‏.‏ فالذين يعملون هم أكثر الناس رغبة في المحاسبة‏.‏ ولكن المحاسبة شيء وما يحدث في بلادنا شيء آخر‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى