المصريون فى الخارج.. المشهد المعبِّر

عبر ثلاثة أيام أرسل المصريون فى الخارج إلى وطنهم الأم رسالة موجزة ومعبرة. قالوا فيها كل ما أراد الوطن أن يسمعه من أبنائه المخلصين، وهو فى خضم معاركه الكبرى فى البناء والتنمية، ومحاربة الإرهاب والتطرف، ورفض كل أشكال التدخل الخارجى فى شئونه الداخلية، حماية لاستقلاله الوطني. فالمصريون فى الخارج، كانوا ومازالوا، يضيفون إلى الوطن لبنة جديدة فى دعائم التحول الاقتصادى والاجتماعى والسياسي، فهم لم يكتفوا بأن يكونوا أكبر مصدر للعملة الأجنبية للبلاد، بل كانوا أول إشارة إلى أن مصر تتغير، وأنها واحدة، وضد كل الشائعات والدعاوى التى أغرقتنا فيها التيارات الرافضة لوحدة وقوة وبناء الوطن. تلك التيارات التى لم تكتف بصناعة الإرهاب وضرب اقتصاد البلاد، فراحت تصدّر للمصريين المخاوف من المستقبل، وتقود أكبر حملة تيئيس ورفض، لكل ما يحدث فى مصر وظاهر لكل البشر، وليس لكل ذى عينين غابت عنه البصيرة، فراح يتصور أن الصراع على سلطة فى الوطن أهم من أبنائه، بل أهم من الوطن نفسه.
إن مشاركة المصريين بالخارج فى 124 دولة فى الخليج والأمريكتين وأوروبا فى الانتخابات الرئاسية كانت وستظل صورة معبرة لكل المصريين فى مصر الداخل، وهى إشارة للقوة المنتصرة، وسيلتقطها العقل المصرى فى الداخل، وسوف يترجمها إلى رسالة كبرى للعالم بأنه يثق فيما يحدث فى بلاده من تطور ونمو وأنه يرى المستقبل قد أقبل على مصر والمصريين. فخروج المصريين بالخارج بهذه الكثافة العديدة يعكس فرحتهم بوطنهم وثقتهم بمؤسسات بلادهم، ورفضهم لكل الأصوات الناعقة ببضاعة أجنبية وإخوانية. فقد أدرك المصريون فى الخارج أن المعركة الانتخابية ليست هدفا فى حد ذاتها، بل مصر هى المرشحة، وأدركوا أيضا أن قوة الوطن تكمن فى ورقة الانتخابات.
ومصر يجب أن تكون هى ورئيسها القادم قويين، ومدعومين من كل المصريين، فورقة الانتخابات لن تكون تصويتا لرئيس فقط، بقدر ما ستكون تصويتا للوطن نفسه، ولرئيس قوى حتى يكون قادرا على قيادة البلاد، ويكون صوته فى كل المحافل الدولية هو صوت مصر، وصوت المصريين الذى وضعوه فى صندوق الانتخابات، ردا على دعاوى الأعداء والأشرار بالمقاطعة والتخويف من المستقبل. إنها ملحمة جديدة تخص المصريين وحدهم، ويفهمها كل مصري، شاهد ما حدث فى الوطن فى سنوات الفوضى والاضطراب والإرهاب..
إن تحرك المصريين فى المشهد الانتخابى الراهن يأتى متزامناً مع قوة الوطن، وهو يزيل من على وجهه صورة الإرهاب والتطرف، وتوطنه فى سنوات غياب الوعى فى سيناء، ويجعل من تحرك الجيش والشرطة فى معركة سيناء 2018 تحركاً حاسماً نحو المستقبل الجديد لمصر.
إن انتخاباتنا الراهنة هى التوثيق الحى لتحرك موجات مصرية، تقول للعالم إنهم قادمون، وإنهم يصنعون نهضة لأبنائهم ومجتمعهم، تتساوى مع نهضات المصريين منذ فجر التاريخ، وإن المصريين يربطون حاضرهم بماضيهم ومستقبلهم فى سبيكة نادرة لها ما بعدها. والاستحقاق الانتخابى الراهن أثبت لنا، نحن المصريين أننا قادرون على صياغة المستقبل، فقد بدأنا مسيرة الحاضر بالمصريين بالخارج وقد شاهدتها عن قرب فى رحلة خاطفة فى الخليج، حرصت فيها أن أقابل الناس وأسمع منهم ولم أكتف بالتقارير الإخبارية وأحاديث المسئولين، ولكننى قرأت الصورة عن قرب فرأيت أن المصرى الذى لم يحصل على إجازته وهو الذى يشقى طوال الأسبوع ويريد بضع ساعات للراحة لم يبخل بها مثلما لم يبخل بأمواله التى يحولها لبناء أسرته ودعم البلاد، ليقول للمصريين فى الداخل إن كل دعاوى الإخوان المسلمين قد سقطت ولم يصبح لها وجود فى وجدانهم أو عقولهم، وإنهم يثقون فى الرسائل التى تصدر من القاهرة، وإن هناك تحسنا فى الاقتصاد وإن هناك بنية اقتصادية وتحتية جديدة بل أن مصر سوف تدخل عصر الغاز والبترول من أوسع أبوابه. قال المصريون كلمتهم، بأنهم تأكدوا من سلامة الخطط الموضوعة، وإنهم يثقون فى بلدهم ومؤسساته وجيشه وشرطته وقضائه.. المصريون فى الخارج أكبر ممول للخزانة المصرية يثقون فى أن مصر بدأت عصر الرخاء والمستقبل الواعد، بعد أن استطاعت الدولة استرداد هيبتها ومكانتها فى الإقليم وستكتمل الصورة بوجود اقتصاد وطنى قادر على النمو، وإحداث تغييرات إيجابية فى حياة المواطنين.
وفى خلال هذا الشهر يوثق إخوتهم فى الداخل هذه الصورة وتكتمل بالخروج الكبير، لكى نصوت لقوة ومستقبل الوطن ونختار قائداً منحناه ثقتنا قبل أصواتنا لاستكمال بناء الوطن. ونحن الشعب بالأصوات أو المشاركة سنكرم الوطن ونحصنه من الإهانة التى وقعت على رأسه، عندما ترك وحيدا فى سنوات الفوضى فريسة فى عام الرماد لجماعات المتأسلمين. فبالانتخابات نحمى الوطن من أن يقع فريسة مرة أخرى لجماعات إرهابية أو إخوانية، تأخذ رايتها من الخارج وتتآمر معه، ولا تعطى قيمة للهوية المصرية بل هى تحتكر وترفض هذه الهوية.
سنحمى مصر من التهميش بالمشاركة وسنرد بقوة، وبأصوات هادرة على كل من أرادوا أن يسلبونا هويتنا واستقلالنا وسيادتنا على أرضنا. سيكون المشهد الانتخابى مارس 2018 خير رد وأبلغ إشارة للرد على الخونة والأشرار، سوف ينتخب المصريون قائداً ورئيساً يهتف كل ساعة، وكل دقيقة، بحياة مصر. ستكتمل بالانتخابات ثلاثية البلاد الجديدة، وهي: التخلص من الإرهاب واستكمال عمليات البناء والتنمية وقيادة دولة لها هيبتها الداخلية والإقليمية والعالمية. كل ذلك من أجل ثلاثة، وهم: مصر، والمصريون، والهوية المصرية المتجددة دائما مع متغيرات العصر.
