مقالات الأهرام العربى

العرب فى مئوية الحرب الكبرى

نحن العرب فى مفصل تاريخي، هل ننجرف إلى الانهيارات والفوضى أم ننجو منها؟ العمود الفقرى لمنطقتنا، ومركز ثقلها المحورى، فى مصر والسعودية، تعرض لاهتزازت وزلازل قوية، مازالت متتابعة، وتأثيرها على حياة الناس والدول مازال يتتابع.

فمصر نجت من المصيدة التى نصبتها دول إقليمية وعربية، تحالفت مع الإسلام السياسى، حتى تقع مصر فريسة لحكم الإخوان المسلمين، فى أعقاب زلزال الربيع العربى فى عام 2011، ولتخرج من التاريخ المعاصر، لتكون دولة تابعة أو مستعمرة للأتراك أو الإيرانيين أو كليهما من الدويلة الصغيرة قطر.

ونجت مصر بفضل (الشعب والجيش) الذى ثار فى الوقت المناسب، وكشف المتآمرين، وما زال يتعقبهم للمحاكمة، ويجفف المنابع الإرهابية والتطرف.

أما السعودية قلب الخليج العربى، فقد دبروا لها جريمة إنسانية بشعة، بحجم المخطط للسيطرة على مقاليدها، وهز استقرارها ودفعها إلى الفوضى وتغيير الحكم الإصلاحى هناك الذى بدأ ينمو ويتطور فى السنوات الأخيرة، بوضعه تحت طائلة الاتهام بحكم المسئولية، وتزامن ذلك مع بشاعة الجريمة حجم المؤامرة لاصطياد الدولة بالجريمة لاتهامها بالمسئولية عنها، ومحاكمتها، وتحولت جريمة بشعة تحدث كل يوم بل فى كل ساعة، حول العالم وفى كل مكان إلى فزاعة، وملابسات الجريمة الشهيرة صارت مخلبا لاصطياد دولة بحجم السعودية، نظرا لأنها حدثت فى تركيا.

والنظام التركى يلعب فى ملعب التيارات الإسلامية، فكانت فرصة لإحراج الدولة الكبيرة، ووضعها موضع الاتهام، ولكن سرعة التحرك السعودى الذى كشفت الأخطاء، بل كشف مراكز قوى داخل دوائر الحكم هناك، والتى تتحرك بلا مسئولية أو إدراك لعواقب ولطبيعة دورها، وبدلا من أن تقع الدولة ودوائرها فى هذه الجريمة البشعة تحولت إلى نقطة قوة وتصحيح لأجهزتها، لكى تنضم إلى الحركة التصحيحية الكبرى التى يقوم بها الحكم السعودى تحت قيادة الملك سلمان وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، فجاءت الجريمة بعد كشف ملابساتها وتقديم المتهمين للمحاكمة، لتضع الدولة فى موقف قوة بديلا عن الضعف أو الاتهام، بل إنها كشفت التلاعب التركى.

وتجلى وجه تركيا القبيح تحت قيادة حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، وأن كل تحركات تركيا تصب لدعم الدور الإيرانى التخريبى فى المنطقة العربية والمحتل لكل من سوريا واليمن ولبنان والعراق، وفى كل المشرق والمغرب والخليج العربى، وأجزاء كثيرة من العالمين الإسلامى والعربي.

وإذا كان الدور الإيرانى التخريبى فى منطقتنا ظاهرا، فإن الحرب الأخيرة، كشفت خطورة الدور التركى كذلك فى هز الاستقرار العربى ككل، ومحاولات مستميتة لتقوية الجناح المعارض لاستقرار المنطقة وخروجها من الأزمات والقلاقل التى طرأت عليها منذ عام 2011، ومنذ احتلال العراق أمريكيا، وتسليمه لإيران عمليا حتى الآن.

العالم ومنطقتنا، وهو يستقبل مئوية الحرب العالمية الاولى، والتى كانت أخطارها وكوارثها مقدمات الحرب العالمية الثانية، يجب أن يتعلم من أخطائه، ولا يكرر الكوارث وتبعاتها، فقد أرادوا أن يجعلوا من جريمة خاشقجى فى تركيا بمثابة جريمة مقتل ولى عهد النمسا التى كانت مفتاحا للحرب الكبرى، فقد كانت الجريمة الجديدة بمثابة مفتاح لهز استقرار المنطقة، وبدء حالة من الفوضى والكوارث، قد يفتح أبواب حروب جديدة، تدفع ثمنها شعوبنا والعالم كله.

نرجو الانتباه للخروج من الكوارث والفوضى، وتقوية التعاون العربى العربى الذى سوف يلجم طموحات التيارات الدينية المتطرفة فى إيران وتركيا وإسرائيل، والتى تدفع منطقتنا ثمنها حروبا وانهيارات لا مثيل لها.

إن الحروب العالمية لا تكرر نفسها تاريخيا، ولكنها تعود فى طبعات جديدة، وتهز الاستقرار وتطيح بآمال الشعوب ومستقبلها…

انتبهوا أيها العرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى