الكرة كما نفهمها؟

سألت نفسى.. هل أستطيع أن أكون حراً، وأكتب ما أشاء.. وأشارك فى مولد الكرة فى المونديال.. خاصة وأنا أرى الكرة تتقافز حولى.. وكل الفرق التى أشجعها.. تخسر بالمصادفة.. تحمست للمغرب، وكان الفريق الأقرب للفوز. والأكثر قدرة على التسجيل الصعب.. ولكن تضيع الكرات السهلة.. ويفقد الفريق المغربى فوزه المستحق برأس لاعبيه.. وبكرة غامضة.. كان يمكن أن »تطيش«.. وفريقى الثانى الأخضر تحمست للونه وعلمه الذى انتمى إليهما أرضاً وجداناً.. وكانوا شباباً مثل الورد .. ملأوا الأرض حيوية. وكسروا حاجز الخوف من الأرض الأوروبية ومن الفرق الأجنبية.. ثم فقد الفريق السعودى النقاط الثلاث الأولى بهدف عابر لم أشعر به طوال المباراة. ولكن النتيجة والتى تحدد مواقع المواقف عليها.. ضاعت.. وفريقى الثالث تونس.. يمارسون عليه الحرب الباردة.. ويكسرون الأعلام ويعتدون على الجمهور.. فى العالم المتحضر الذى يحترم حقوق الإنسان. ويملأ الدنيا ضجيجاً حول العالم الثالث الذى يمارس الاضطهاد ويحرم الأقليات من حقوقها المشروعة.. ثم … ثم يقتل الديمقراطية والحرية كما يفهمونها….
وكلما قلنا شيئاً .. قالوا لا نفهمه فالتعريفات جاهزة .. ولغتهم غير لغتنا.. ولكنهم يصرون على أن نلعب كما يلعبون.. والنتيجة جاهزة بالقطع .. فهم دائماً يكسبون .. وكأن المباريات والمسارح والمنتديات والمحافل العالمية مثلها مثل الملاعب.. أعدت مهرجاناتها مسبقاً .. لكى يكسبوا دائماً.. حتى لو أجدنا نحن اللعب.. وكنا نجوماً فى الملاعب .. وتحلينا بالأخلاق الحميدة.. واحتفظنا بكأس الروح الرياضية.. فنحن نتقبل الهزيمة غير المستحقة وكأنها قدراً الدائم.. فالنتيجة معروفة مسبقاً.. والفائزون مثلهم مثل النجوم بالوراثة.. ونحن موجودون لكى نفرح لهم وحاضرون لكى نثبت دائماً أنهم متفوقون.
والكرة .. لا تختلف عن السياسة والاقتصاد.. والاجتماع والأخلاق..
فنحن معهم فى الأمم المتحدة وفى مجلس الأمن نحضر الاجتماعات ونتحمس، ونخطب ونصوت.. ولكن النتيجة دائماً مصنوعة فى الغرف المغلقة المحكمة التى لا نسمع عنها دائماً.. والعقوبات ندفعها وحدنا.. بل إننا نصنع الأحداث.. التى يكسبون منها ويعالجون بها الاختلالات فى موازين مدفوعاتهم ومن اخطائنا يواجهون أزمات البطالة والتعطل لشعوبهم ..
حتى عملتهم .. هى عملتنا.. نصدر بها منتجاتنا.. ننتج المادة الخام.. ونقدم وقود الصناعة والمدن والحياة لكى يصنعوا رفاهيتهم . وينتجوا لنا بعض المنتجات التى تفرحنا. ويجعلنا نشعر بأننا جزء من النظام الذى يصنعونه، ونحن نلعب على أنغامهم.
والكرة دائماً فى أرجلهم.. والأهداف من نصيبهم.. ونحن جزء لا يتجزأ.. وجودنا مهم.. وهم يحافظون عليه.
وإلا من سيكسبونه ويسجلون فيه الأهداف.. ويمارسون عليه السيادة ويحققون الانتصار.
لا يمكن أن ننسى.. وسط أسطورة الكرة.. وازدحام الملاعب وهتاف الجمهور واختلاط الأعلام .. قضية السلام . والصراع العربى الإسرائىلى الذى قبلنا أن ينتهى بقبول المعتدى والمحتل.. والاعتراف بالأمر الواقع. وعزفنا الأنغام المستوردة.. واعترفنا بسلام الشجعان ـ كما يقولون ـ والذى يعنى لنا قبول الآخر.. وفجأة وجدناهم ينتخبون نتيانياهو.. ويرفضون قواعد اللعب التى قبلنا بها إسرائىل في منطقتنا واعترفنا على أساسها بهم وهى الأرض مقابل السلام.. وكأن من حقهم تغيير الملعب عندما يكسبون.. والأدهى من ذلك أنهم يسلحون المستوطنين ويطالبون الفلسطينيين بالقضاء على حماس ووأد المقاومة للمحتل.. ملعب عجيب وظروف أعجب.. فهم يكتفون لاعبينا .. حتى يسجلوا أهدافهم المزعومة وينتصروا.. كما يريدون دائماً..
ماذا نفعل حتى نلعب كرة القدم التى نفهمها..
.. علينا أن نرد عليهم دائماً بأن نتعاون .. ونكشف مناوراتهم..
أملى أن نلعب معهم كما يلعبون ولا نخافهم .. فنحن قادرون على تسجيل الأهداف والفوز.. ولكنهم يكسبون قبل أن تبدأ المباريات .. فهم يصدرون لنا الهزيمة والخوف مما يجعلنا نرتبك ونتوقف عن اللعب انتظاراً للهزيمة المرتقبة.. وإذا زاد ارتباكنا واختلاط صفوفنا .. فنحن كفيلون بتسجيل الأهداف بالنيابة عنهم فى مرامينا.. وبرؤوس وأقدام لاعبينا.

