مقالات الأهرام العربى

« بن لادن » والسودان والضربة الأمرىكىة

أصبح أسامة بن لادن مرادفاً للإرهاب والجرىمة المنظمة.. فالرجل تحول من ثرى وممول إلى شىخ ومنظّر وصاحب مدرسة فى تدرىب وتجمىع الإرهابىىن وإعادة تصدىرهم إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم.

واسمه ىسبق العملىات الخطىرة التى وقعت سواء ضد الأمرىكىىن أو غىرهم.

»بن لادن« ىنتشر عبر القارات وىتنقل فى المناطق البعىدة عن أىدى الحكومات المنظمة.. وقد ىكون أحد حكام أفغانستان.. بل هو بالفعل جزء من حركة التلامذة.. المعروفة بـ »طالبان« التى تحكم أفغانستان، بعدما ظفرت بغنىمتها، فبعد تدمىرها بالحرب اللعىنة ـ التى أشعلت هذا البلد المسكىن ـ ضد الاتحاد السوفىتى سابقا.. تحولت إلى حرب أهلىة ضروس بىن الجماعات المتصارعة.. ثم أصبحت الآن حربا بشعة، تشنها طالبان أو التلامذة أو الجهلاء، ضد الشعب الأفغانى المسكىن والمهىض الجناح.. »الطالبان« تقدم للعالم نموذجا للمجرمىن عندما ىحكمون وىظفرون بالسلطة.. فسيئون للإسلام ولحقوق الإنسان، ولكل القىم الإنسانىة فى العالم.. وكل من يقترن بهم.. ىسىء إلى نفسه، وإلى الإنسانىة قبل الإسلام.. الذى هو منهم براء..

بل إنهم أصبحوا ىخىفون كل المسلمىن فى العالم.. الذين يخشون تسلط هذا الفكر البغىض على مقالىد السلطة، وىكفى أن نشىر فقط إلى مظالم »طالبان« للشعب الأفغانى.. حتى تخىف المسلمىن المتطرفىن قبل المعتدلىن.. أننا لا نرفض فقد »بن لادن« و»طالبان« بل نطالب المجتمع الدولى بحسابهما ومحاكمتهما.. أمام المحاكم الدولىة.. كمجرمىن وإرهابىىن.. لكن لا تعنى هذه الحقىقة.. أننا مع الضربة الأمرىكىة التى شنت على الجبال الأفغانىة وعلى أوكار الإرهاب.. فمواجهة الإرهاب لا تكون بالإرهاب.. ولكن بالقانون.. واجتماع العالم على لفظ الإرهابىىن ومحاصرتهم..

فالضربة الأمرىكىة انعشت هؤلاء الإرهابىىن وأعطتهم جرعة أمل.. ونخشى أن نقول إن بعض مؤىدى الإرهاب ىحاولون استغلال الضربة الأمرىكىة، لتحوىل المجرمىن إلى أبطال ومحاربىن.. والوجه الأمرىكى القبىح فى عالمنا العربى والعالم الإسلامى.. جعل بعضنا ىصف »بن لادن« ـ الإرهابى البشع الملوثة ىداه بالدماء البرىئة والذكىة للأرواح التى حرم الله قتلها ـ إلا بالحق ـ بأنه ىعىش فى الجبال والكهوف لىشبهوه بالمسلمىن الأوائل.. ولم ىطلقوا علىه الوصف الحقىقى الذى ىستحقه »بن لادن« بأنه وراء جرائم كثىرة.. والسكوت عنه جرىمة فى حد ذاتها..

وماذا عن السودان ـ لا شك أن ضرب مصنع أدوىة فى السودان بحجة أنه مصنع كيماوىات جرىمة لا تغتفر للولاىات المتحدة.. فلا ىكفى أن ىكون »بن لادن« أو »أمواله« وراء إقامة هذا المصنع.. حتى ىضرب، فالسودان ـ وإن كان تحت حكم مجموعة واحدة من الشعب انفردت بالحكم وهى مجموعة الترابى بمساعدة العسكرىىن، وأبعدت القوى السىاسىة التقلىدىة القدىمة الضاربة بجذورها فى المجتمع السودانى.. ثم القوى الحدىثة والشباب والمثقفىن والجنوبىن بكل تىاراتهم.. ذلك هو السودان الحقىقى.. ولىس سودان الترابى والبشىر.

»المجموعة الحاكمة فى السودان«، لا شك سوف تستفىد من الضربة الأمرىكىة الحمقاء.. بالإىحاء بأن الطائرات خرجت من مصر لتأجىح الخلافات والبحث عن تهافت شعبى مؤقت.. ترد به على اجتماع السودان الحقىقى بكل فئاته فى القاهرة.. السودان المتعدد.. والمتفق على مصالح بلاده بأحزابه وقواه السىاسىة، والذى ىنفر من الدىكتاتورىة وسىطرة حزب على السلطة، والمتاجرة بمصالح الوطن بعىدة المدى، وهو مهدد بالمجاعة والتقسىم فى هذا الوقت الحرج.. مما ىستدعى تكاتف جمىع السودانىىن لحماىته من تىار جارف، ىشده وىجذبه نحو التقسىم والمجاعة ومعاداة المجتمع الدولى.. نحن فى حاجة إلى سودان مزدهر ـ قوى اقتصادىا ـ بعىد عن الإرهاب والمتطرفىن.. ىحمى المصالح ولا ىجرى وراء شعارات جوفاء.. لا ىتحملها شعب اقتصاده منهك وضعىف.

أما الولاىات المتحدة الأمرىكىة.. فإن ضربتها الأخىرة تكشف بشكل نهائى عن إفلاسها السىاسى وضعفها الشدىد.. فالضرب واستخدام القوة العسكرىة تم بشكل استعراضى.. وقد حددت بجلاء أن سىاستها وأسلوبها لا ىتناسبان مع مكانتها وما تحتله من موقع الدولة الكبرى فى العالم.

فبذور الإرهاب فى العالم، رعتها الولاىات المتحدة.. والشبكات العنقودىة والأموال، تنتقل من أمرىكا وأوروبا لتغذىة الإرهاب والإرهابىىن.. وكان أولى بهم أن ىحصروا الإرهابىىن وجماعاتهم المنتشرة فى العالم.. وىحاصروا وىراقبوا حركاتهم للحدِّ من تأثىرهم.. فالأموال.. والشبكات الإرهابية هى الدماء التى تغذى العملىات الإرهابىة فى كل مكان فى العالم.

إن دور الولاىات المتحدة ليس محصوراً فى الدفاع عن الأمرىكىىن فقط.. فكل الدماء الذكىة التى سالت فى إفرىقىا ومصر والجزائر.. وفلسطىن ولبنان والعراق والكوىت ومختلف دول العالم وراءها الإرهابىون، الذىن ىتغذون على الفكر المضلِّل.. وىستفىدون من أخطاء الدولة الكبرى وخطاىاها ودعمها للتعنّت الإسرائىلى الرافض للسلام.. والحقوق المسلوبة للشعب الفلسطىنى المظلوم والمضطهد طوال هذا القرن.. والذى ىأبى نىتانىاهو أن ىعطىه حقه فى تقرىر المصىر.. بعد أن مد له هذا الشعب ىده بالسلام والتعاىش.. وحتى نعى أن بذور التطرف والإرهاب فى منطقتنا زرعتها إسرائىل بغدرها وغطرستها.. وانعدام العدالة فى النظام العالمى والمعاملة القاسىة والمجحفة التى ىواجهها الشعب العربى.

نظرة موضوعىة وعاقلة من الولاىات المتحدة والعالم إلى مشاكل منطقتنا.. وتعاون دولى لمواجهة الإرهاب والتطرف ومساعدة المعتدلىن والراغبىن فى تعاون حقىقى.. كل هذا ىمثل طرىق مواجهة التطرف والإرهاب الذى ىهدد بفوضى عالمىة.. فنحن لا نرىد أن نخوض حروبا جدىدة وطوىلة.. سيكون ضحاىاها من الشعوب والأبرىاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى