رسالة مبارك

منذ أن صعد إلى موقع الرئيس حدد أهدافه بوضوح أن ينهض ببلاده حتى يعيد لأقدم حضارة إنسانية فى الوجود دورها فى صنع الحضارة المعاصرة، وبذلك قاد الإنسان المصرى إلى تغيير حقيقى، فكانت عمليات الإصلاح الاقتصادى والتغيير الداخلى، كلها لصالح الإنسان، فكان بناء فريدا ومتماسكا، ونموا معتدلا، لكنه واثق ومستمر، ولم يكتف بذلك، بل ربط حركة مصر ومصالحها بمحيطها العربى، فتجاوز أخطاء الماضى، ولم تقتصر نجاحاته على إعادة مصر إلى العرب، والعرب إلى مصر، متجاوزا بذلك أزمة القطيعة الطارئة فى تاريخ العرب المعاصر، لكنه استطاع فى فترة وجيزة أن يعيد لمصر ريادتها العربية، ومثلما قادت فى حقبة الحرب، أصبحت رمانة ميزان السلام، ونقطة الدفاع وحائط الصد والسند، حماية للمصالح العربية، وصولا للسلام العادل، فالقتال المصرى فى مرحلة السلام لم يتوقف على أى صعيد، حتى يصل الفلسطينيون إلى حقوقهم الكاملة، ودولتهم المستقلة، ومصر ـ مبارك تقول وتعمل من أجل استرداد الأراضى العربية المحتلة فى سوريا ولبنان، وتقف بصلابة وراء المواقف العربية، وهى تراهن على السلام الشامل، قبل أى تعاون أو اتفاقيات أو تطبيع مع المغتصب للحقوق، تلك حقائق لا تحتاج إلى شهود.
واستطاع الرئيس مبارك أن يحافظ على مكانة العرب وقدرتهم على الحركة فى النظام العالمى الجديد، فكان دوره البارز فى حرب تحرير الكويت فى بداية التسعينيات محافظة على النظام العربى من أن ينهار أو يتعرض الضعيف لغبن الأقوياء، وامتد لوقف ألعاب القوى الكبرى فى المنطقة العربية فى النصف الآخر من التسعينيات، مستغلة أخطاء بعض قياداتها، فكانت وقفته الصلبة الأخيرة لمنع ضرب العراق، وحماية شعبه الذى يتعرض لعقوبات من الخارج وضغوط من الداخل لا قبل لشعب أن يتحملها.
امتدت رؤية الرئيس الحكيمة لحماية مصالح الشعوب العربية التى تتعرض لعقوبات دولية دون ذنب اقترفته، فواجه ذلك بحكمة ورؤية وبعد نظر لا يمكن تجاهله.
ليس ذلك غريبا على قائد انتخبته العناية الإلهية، قبل أن ينتخبه الشعب للقيادة، فكان قائد أصعب معارك الحرب فى أدق أسلحتها »الطيران«، لاسترداد الحق والكرامة وانتصر.
وادخره الزمن ليقود مصر فى أصعب معارك البناء والتغيير التى لا تنتهى، فقاد رحلة الخروج الشاقة من الوادى الضيق لربوع الوطن الفسيحة، ليبنى مصر الحديثة والمختلفة، فمد النيل إلى الصحراء الغربية، ليعيد مصر الحضارة القديمة عبر توشكى، فتتحول الصحراء إلى واد جديد للنيل، ومد النهر الخالد إلى أرض الأنبياء فى سيناء، ففتح أبواب العمل للأجيال الحاضرة، والأمل للأجيال القادمة فى غد مشرق ودولة مزدهرة بإذن الله.
مبارك »شخصية القائد« انتخبته الأرض العربية كما انتخبه الشعب، فالأرض كائن حى يعيش وينبض ويتنفس كالشعب، وادخرته لرسالة سامية، تعيد المكانة لأمة ظلمت طويلا، وشعوب تأخرت عن ركب الحضارة، وآن لها أن تنفض عن كاهلها تخلفا طويلا، وأن تساهم فى صنع الحضارة المعاصرة، وأن تكون جزءا مؤثرا فى عالمها فى أتون متغيرات جسام، وظهور عالم جديد.
فكان قدره معارك عديدة، وإصلاحات شاملة، انتقلت به من الحرب إلى السلام، والبناء وإصلاح الاقتصاد، فأقام بنية أساسية ثم انطلق إلى الاستثمارات الضخمة، وصنع المجتمعات الجديدة، ليخرج بشعبه من واد إلى وديان، وفى التعاون العربى انتقل من بناء علاقات طبيعية إلى تلاحم عربى، يقوده اليوم صوب سوق عربية مشتركة تحمى العرب فى عصر التجمعات الكبرى.
وفى العلاقات الدولية كانت له سياسة حققت التوازن الدقيق بين مصالح بلاده ومنطقته وعلاقاتها الخارجية، وحفظت لها حرية قرارها وسيادتها دون صراعات وعداوات تقلل قدرتها على التقدم، ويتم كل ذلك فى إطار من الشفافية والحرية التى أطلقت كل الطاقات، وأمنت الإنسان، وحققت طموحاته فى بناء اقتصاد ينمو ويزدهر، وحرية للكلمة، وانطلاق سياسى لا حدود له يجدد روحه، ويدفعه للعمل المستمر.
هذه كلمة نقولها من القلب إلى الرئيس حسنى مبارك، رددها المصريون والعرب طوال الأسبوع الماضى، »كل عام وأنت يا ريسنا بخير«، وكل سنة وأنت طيب، فقد اكتسبت بشخصيتك المتواضعة والمحبوبة حب وثقة كل العرب.
وأعطيتهم بأعمالك ونجاحاتك المستمرة، ودأبك فى العمل ثقة فى المستقبل.
وجددت الأمل فى عودة العرب قوة متماسكة قادرة على حماية مصالحها، والدفاع عن مستقبلها فى عالم صعب يسقط فيه الضعفاء.

