معنى لقاء مبارك ونيتانياهو؟

قرار الرئيس مبارك بالاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو فى شرم الشيخ فى الأسبوع الماضى.. عكس بوضوح كامل نضج السياسة العربية، وتميزها الراهن فى إدارة الصراع السياسى مع إسرائيل.. ووصولا للحق العربى.
لأن القرار العربى المصرى تحديدا فى هذه المرحلة، وضع فى حسبانه حسابات دقيقة، يأتى فى مقدمتها أن المصالح العربية لا تحتمل التأجيل أو التسويف، ووصولا للاعتراف الإسرائيلى بالحقوق الفلسطينية كاملة، ورد الحقوق لأصحابها، سواء على الصعيد السورى أواللبنانى، وأن سلام المنطقة واستقرارها مرهون باستكمال حلقات السلام، ورد الحقوق لأصحابها…
وأصبح واضحا أمام صانع القرار العربى، أن التأجيل والمماطلة الإسرائيلية، لا تحقق المصالح العربية، وبالتالى أمام الفهم الاستراتيجى للموقف العام.. فإن العرب لم ينجرفوا وراء الدوامات التى خلفتها السياسات الإسرائيلية اليمينية، التى كانت تدفعهم بعيدا عن السلام، مستهدفة إدخالهم فى صراع جديد وكانت إسرائيل تحبذ، بل تدفع العرب لكى ينقلوا صراعهم معها إلى صراع مع عن راع السلام الولايات المتحدة، وأن يبحثوا راعى جديد، ولتكن أوروبا، التى أبدت ارتياحا، بل تشجيعا للعرب، لكى يركبوا مركب السلام الأوروبى، وكان واضحا أن الوقوع فى هذا الشرك، سيؤدى إلى تأخير مسيرة السلام الحقيقية صوب الهدف.. لأن الشريك الوحيد والقوى، والقادر على استمرارية دفع إسرائيل نحو السلام، هى أمريكا.. فكان الرد العربى.. أن الدور الأمريكى هو الدور الرئيسى، والأوروبى معاون، وهو م مؤثر فى الدور الأمريكى نفسه.. ووقفنا أمام قناعاتنا، ولم نتراجع أو تفقدنا الأوضاع الصعبة.. صبرنا فننجرف بعيدا عن المسار الحقيقى للأحداث..
بل إن الدور العربى خطط لكى يشن حرب السلام داخل إسرائيل نفسها، مستندا إلى أن نصف المجتمع الإسرائيلى له قناعات مختلفة..
واستطاعت السياسة العربية أن تضع التطرف الإسرائيلى فى مأزق حقيقى.. ليس أمام العالم الراغب فى استقرار الشرق الأوسط فقط، ولكن أمام قطاع كبير من الشعب الإسرائيلى نفسه.. الذى ربما شعر بأن هذا الفريق الحاكم الآن، سيؤدى بهم إلى ضياع فرصة تاريخية للسلام، بل سيفقدهم أمل التعاون الإقليمى الذى راودهم طويلا..
وكان التحرك المصرى الأخير ـ بعد الاتفاق على الفلسطينيين والأردنيين، والسوريين.. حركة إيجابية على صعيدين الأول فى حالة عودة الإسرائيلىين إلى مائدة التفاوض مع العرب، واحترام الاتفاقيات الموقعة منذ بدأ العرب معها مسيرة السلام فى كامب ديفيد وأوسلو، وواشنطن، وطابا.. وغيرها من وثائق السلام التى تعترف بالحقوق العربية وتقرير المصير الفلسطينى، وثانيا أمام العالم، وتحديدا مع راع السلام أمريكا وروسيا وشركائهما الأوروبيين، والمراقبين على الساحة العربية والعالمية..
وصولا إلى هدف أننا سرنا فى طريق التفاضو والسلام والحركة الإيجابية، ولكى يعرف الجميع من يتحرك صوب السلام الحقيقى، ومن يدفع الأمور إلى الحائط المسدود من التعنت والرفض.
ففى الحركة والمبادرة تحديد للمواقف، وسبر للأغوار، وكشفا للسياسات الغائبة،، ووضعها تحت الضوء الكاشف للحقائق..
لكن نقول بملء الفم، وكامل الوعى إن السياسات العربية وصلت إلى مرحلة النضج الكامل، والوعى بالمصالح، والقدرة الحقيقية على الحركة الواعية، وسط هذا العالم ومتناقضاته.

