مقالات الأهرام العربى

صحافة حرة صحافة منصفة

هذا ليس شعارا جميلا فقط، لكنه موضوع ندوة قمت بتنظيمها فى »معهد الأهرام الإقليمى« لنستمع إلى مجموعة منتقاة من زملاء مهنة الصحافة فى مصر والعالم العربى، وبمشاركة خبراء منظمة »فريدوم فورم« الأمريكية.. ومن خلال الحوار أسعدنا عميد أسرة »الأهرام« الأستاذ إبراهيم نافع، بوضع تصور لحرية الصحافة وكيفية تنميتها.. وكان دقيقا وبارعا فى عدة نقاط محددة ألهبت حماسة الأمريكيين، خاصة عندما ربط بين كلمة »توماس جيفرسون« الشهيرة »لو أننى خُيرت بين حكومة بلا صحافة، وصحافة بلا حكومة، لما ترددت فى اختيار الأخيرة«، عندما استعار بلاغة هذه الجملة ليطالب بمزيد من الحرية للصحفيين.. بشرط الكفاءة للعاملين بالمهنة قائلا »ولو أننى خُيرت بين حرية بلا صحفيين أكفاء، وبين أكفاء بحرية محدودة، لاخترت الأخيرة« هذه الحقيقة التى تطالبنا بتكثيف الاهتمام بالتنمية البشرية فى كل المجالات، لأنها الطريق إلى الحرية، والحرية المستمرة كانت محورا لمناقشات عديدة، ومن دقة كلمة الأستاذ نافع.. أبلغنى رئيس الـ »فريدوم فورم« مستر تشارلز أفوربى، أنهم سيقومون بطبعها ووضعها فى كتابهم السنوى.

وكان الحوار حول الحرية ومستقبلها فى الشرق الأوسط أخّاذا.. وكشف لنا خبراء الاتصال والإعلام أن نمو الحرية فى منطقتنا يتسع ويتطور بشكل كبير.. وكانت الظاهرة الإيجابية أن إعلامنا العربى الذى كان دائما يتعرض للهجوم لقصوره وغياب الحرية، وسيطرة الحكومات على وسائل الإعلام، كانت هذه المرة فى وضع متغير.

وكانت الصحافة ـ والإعلام الأمريكى ـ هى المتهم، وموضع المحاكمة من الإعلاميين والصحفيين العرب، فقد اتهموا الإعلام الغربى بسعيه الدءوب إلى إلصاق صفة الإرهاب بكل المسلمين، واستغلال الحوادث الإرهابية لجر شعوبنا إلى عداء مستحكم مع الغرب، وطالب الإعلاميون العرب إعلام الغرب بالإنصاف فى معالجة القضايا العربية، وكان حوارا ناجحا بكل المقاييس، تلاحمت فيه رؤية الإعلام العربى لمستقبل الصحافة فى منطقتنا، بأساليب فتح آفاق جديدة للمستقبل، وكيف نحمى حرية الصحافة من أن تتحول إلى فوضى.

لقد وضعوا تصورا للتخلص من القوالب الجامدة (Stereo type) التى تحكم رؤية العرب للغربيين.. وكذلك الأنماط والقوالب الجامدة التى تحكم رؤى وأفكار الغربيين عن العرب فى الماضى والحاضر، والصراحة والحرية هما طريقا إقامة علاقات صحيحة بين الشعوب والحكومات، وبين الشعوب والشعوب، ويجب أن تسود الصفتان فى علاقاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين.

حرب اقتصادية أوروبية على العرب

أخيرا حانت أمام العرب فرصة لكى يختبروا قوتهم السياسية والاقتصادية أمام أوروبا، ولو لمرة واحدة، إذا تعاونوا لمواجهة الحرب الأوروبية المعلنة بالفعل على العرب، وهى حرب شاملة بالمقاييس المعاصرة.. حرب ليست بها أسلحة أو معدات أو قتال، لكنها مؤثرة على مستقبل بلداننا.. الحرب فى الميدان الاقتصادى موجهة ضد أهم الصادرات العربية للأسواق الأوروبية، بحجة أنها ليست صادرات عادلة، لكنها إغراق لأسواقها تستتبعه عقوبات ضد الدول المصدرة، فبدلا من الترحيب بجزء من الصادرات العربية  إلى الأسواق الأوروبية بهدف توازن نسبى للميزان التجارى.. يجىء الدور الأوروبى ضد أبرز المنتجات العربية تصديرا وقدرة على المنافسة لكى يمنعها عن السوق الأوروبية، وعلى سبيل المثال، منعت أوروبا صادرات النسيج والبطاطس المصرية بحجة الإغراق للأولى، والمرض للثانية، وهناك حظر على البتروكيماويات الخليجية، والتى تعد عصب الحياة لاقتصادياتها.. وفى نفس الوقت توجه دول أوربا حربا يومية ضد أبناء المغرب العربى الذين تتهمهم بالتسلل، وتوقع أقسى العقوبات على العمالة العربية المهاجرة، وهذه الحقائق المهمة تكشف أن الاتحاء الأوروبى قد استفاد إلىحد كبير من اتفاقيات الشراكة التى وقعها مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط فرادى دون تجمع، والتى تحققت مصالح الأوروبيين منها على حساب المنتجات المحلية التى لا تستطيع المنافسة فى سوقها المحلية.. فكيف لها أن تنافس المنتجات الأوروبية فى عقر دارها، فى الوقت الذى يفرض فيه الأوروبيون عقوبات على المنتجات العربية، وصلت إلى الاتهام بالإغراق وحظر الاستيراد.

إذا نظرنا ـ بالأرقام ـ لوجدنا أن بلدا واحدا ـ كمصر ـ تستطيع إذا حدَّتْ من الاستيراد من أوروبا أن توجع الاقتصاد الأوروبى الذى وصل حجم وارداتنا منه إلى ٨،٦ مليار دولار.. فماذا سيكون الوضع إذا شاركتها دول الخليج العربى التى تستورد ما قيمته ٠٣ مليار دولار، وإذا انضمت إليها دول المغرب العربى، لاستطاع الاقتصاد العربى أن يواجه الأوروبيين بكفاءة واقتدار، ويفرض شروطا عادلة للتجارة بين العالم العربى وأوروبا، ويعيد التفكير فى اتفاقيات الشراكة.. والتجارة مقدمة طبيعية للاستثمار والتعاون المشترك، ويجب أن يفهم الأوروبيون أن سياستهم بإعلان الحرب الاقتصادية على العرب لن تمر بدون عقوبات موجعة.

دعونا مرة واحدة نتفق على حماية مصالحنا، وانتظروا ردود فعل العالم إزاءنا، وكيف سيكون التسابق بينهم على تفاعل عادل يحقق المصالح المشتركة دون استعلاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى