تهديد صناعة الدواجن… خطر يهدد الجميع

في الوقت الذي تعاملت فيه الحكومة والإعلام المصري بشفافية ودقة، فيما يخص مرض “أنفلونزا الطيور” تعامل الشارع المصري بشكل يكاد يكون هيستريا مع القضية، وانتهز بعضهم الفرصة لترويج الشائعات، وبعضهم الآخر قرر المتاجرة بخطرخطر حقيقي يتهدد حياة البشر، ليختلط الحابل بالنابل، ويعبر عن كثير من المفاهيم الخاطئة، والمزعجة حول المرض، وكأنها فرصة لإشاعة الذعر في نفوس المواطنين البسطاء، والاقتصاص منهم، دون سبب معين، وربما كان هذا واضحا في إطلاق تلك الإشاعة السخيفة التي رحيانا، آثارا كارثية، قد تفوق تفشي الوباء نفسه، فنحن الآن أمام تهديد آخر حقيقي، وليس محتملا، وهو أننا قد نواجه نتائج اقتصادية واجتماعية سيئة، نتيجة لاضطرار غالبية الأسر المصرية للابتعاد عن تناول الطيور ومنتجاتها، مثل البيض مما يعني أن تضطر أيضا إلي تناول البدائل التي ستشكل عبئا اقتصاديا عليها، مثل اللحوم والأسماك التي هي أغلي ثمنا من الطيور .
ومن ناحية أخري فهناك تهديد حقيقي بوقوع خسائر تقدر بالملايين في قطاع إنتاج الدواجن، وهو أمر يهدد حياة نحو ثمانية ملايين مصري يعملون في صناعة الدواجن التي يصل حجم حيانا، آثارا كارثية، قد تفوق تفشي الوباء نفسه، فنحن الآن أمام تهديد آخر حقيقي، وليس محتملا، وهو أننا قد نواجه نتائج اقتصادية واجتماعية سيئة، نتيجة لاضطرار غالبية الأسر المصرية للابتعاد عن تناول الطيور ومنتجاتها، مثل البيض مما يعني أن تضطر أيضا إلي تناول البدائل التي ستشكل عبئا اقتصاديا عليها، مثل اللحوم والأسماك التي هي أغلي ثمنا من الطيور .
و من ناحية أخري فهناك تهديد حقيقي بوقوع خسائر تقدر بالملايين في قطاع إنتاج الدواجن، وهو أمر يهدد حياة نحو ثمانية ملايين مصري يعملون في صناعة الدواجن التي يصل حجم استثمارها إلي قرابة ال17بليون جنيه، ومنهم العمال والسائقون والتجارنهينا عن أصحاب المزارع أنفسهم .
ثم ننتقل إلي الخسائر الأخري التي ستواجهها الأسر البسيطة والريفية، لاعتمادها علي تربية الدواجن فوق الأسطح ، أو في باحات المنازل، ليس بغرض الاتجار بها، بل بهدف تأمين مصادر الغذاء لأفراد تلك الأسر متنامية الحجم، وحتي مع تصريح وزير الزراعة بأن الحكومة ستدفع نظير ما يتم إعدامه من دواجن مصابة، فان هذا لا يعني أن الأمر سيتوقف عند هذا الحد، فلم يعد علي الحكومة أن تكتفي بالتعهد بالتعويض عن الخسائر فحسب، بل يبدو أنها مطالبة الآن بمواجهة طوفان من الشائعات والتصورات غير العلمية في عقول البعض، وعليه ايضا أن تحد من أثار الكارثة في نفس الوقت، وقد فعلت ذلك بالفعل عندما رصدت نحو 27 مركز لرصد الشائعات المتعلقة بالمرض في مختلف محافظات مصر .
إننا أمام أزمة حقيقة تهدد الاقتصاد المصري برمته، وهي أزمة اجتماعية، تجعل بعضهم يبدي تشككهم تجاه كل ما يصدر عن وسائل الإعلام الرسمية، وتتعامل معه، رغم ما قدم من معلومات وتفاصيل دقيقة، وكأنه يهدف إلي التضليل، ومما يزيد الأمور سوءا قيام البعض للترويج، بما يخالف تلك التصريحات، لا لهدف سوي هدف المخالفة في حد ذاتها، متجاهلين حقيقة لا تقبل الجدل، وهي أننا أمام وباء عالمي، وليس أزمة داخلية، قد تختلف في تفسيرها الآراء، وأن كل ما يقدم من معلومات هو أمر متفق عليه علميا، ولم تلفقه القنوات الرسمية لسبب ما، والواقع العلمي يؤكد أن ما نواجهه هو مرض حيواني، وأن وصوله إلي البشر محدود جدا ،فهو لم يقتل منذ ظهوره عام 2003 وإلي الآن سوي0 19 حالة فقط، كما أنه من المعروف علميا أن فيروس إتش 5 إن 1 لا ينتقل إلا بمخالطة الطيور المصابة .
ليس من مصلحة أحد أن تصاب صناعة الدواجن في مصر في مقتل، فقد وصلت الخسائر في الاستثمار في مجال صناعة الدواجن إلي الآن قرابة 2 مليار جنيه في الوقت الذي تشكل فيه الدواجن نحو 50 % من طعام الأسر البسيطة، وأيضا تضررت مطاعم الدجاج التي وصل حجم خسائرها إلي الآن نحو 30 مليون جنيه يوميا .
وربما مع هذا الوضع المخيف علينا أن ننظر حولنا، ونفكر في الإجراءات في بقية دول العالم التي واجهت الوباء، ففي الهند، كما في دول، أخري ثبت وصول الفيروس إلي طيورها، وتمت محاصرة المناطق التي اكتشفت بها الحالات المصابة، وأغلقت حدودها مع القيام بحملات واسعة من أجل تطعيم الطيور المنزلية في الوقت الذي أدرك فيه المواطنون أنه لا خطر من تناول لحوم الدواجن غير المصابة، بل ومن تصديرها.
أيضا، فهذا ما حدث مع الهند التي أعلنت أنها مستمرة في تصدير منتجاتها من الدواجن إلي الأسواق العالمية، حيث أن المناطق التي تصدر منها الدواجن لم يصل إليها الفيروس المخيف، ونحن في حاجة إلي مثل هذا القدر من الثقة، وإلي مثل هذا القدر من التعامل بهدوء مع أزمة سرعان ما ستمر، وسنواجه غيرها ،و لكننا قد ننتهز تلك الفرصة لنراجع أنفسنا في الطريقة التي نواجه بها،عادة، الأزمات، ونحن في حاجة إلي مناقشة داخلية لسهولة تقبلنا، وإقبالنا علي الشائعات بدلا من الحقائق، وميلنا الغريزي للإقبال علي ما يردده غير أصاحب الاختصاص، وتجاهل ما يؤكد عليه المختصون.

