مقالات الأهرام اليومى

إعادة الاعتبار للتفوق العلمي

للمرة الأولي احتفلت مصر بيوم الخريجين بحضور قوي وفاعل للرئيس مبارك‏,‏ حرص فيه علي بث الأمل وتحفيز همم خريجي جامعاتنا الذين أنهوا مرحلة التحصيل ليبدأوا مرحلة العطاء الفعلي‏.‏

وصافح الرئيس رموز التفوق في مؤسساتنا الجامعية تقديرا لهم واعترافا بدورهم وثقة فيما سوف يضيفونه إلي عطاء الإنسان المصري‏,‏ وأكد الرئيس في يوم الخريجين الأهمية البالغة للجامعات ومؤسسات العلوم والثقافة‏.‏ وهذا تقليد جديد ينتبه فيه الجميع إلي الدور الحالي الذي تؤديه مؤسسات التعليم في جهود التنمية الراهنة‏,‏ وإشارة إلي مرحلة جديدة من مراحل تطوير التعليم في مصر‏.‏ فالتعليم قضية الوطن مثلما هو قضية كل بيت مصري وكل مهتم بتحديث مصر ودفع مسيرتها إلي الأمام‏.‏

والحقيقة أن إرساء التقاليد الجديدة في مصر أصبح يتوالي لترسيخ التقدم وإعلاء شأن العمل والتحديث‏,‏ ومنها ـ علي سبيل المثال ـ حضور الرئيس حفل إفطار الصناعيين في اليوم السابق علي لقائه مع الطلاب في يوم التفوق‏,‏ وفي ذلك إشارة إلي ماتوليه مصر من اهتمام للاستثمارات الجديدة‏,‏ ولدور القطاع الخاص المصري في التنمية وإيجاد فرص العمل لبناء مصر الحديثة‏.‏

وقبلها بأيام وخلال شهر رمضان المبارك تفقد الرئيس المشروع القومي للإسكان بمدينة‏6‏ أكتوبر في متابعة جادة لبرنامجه الانتخابي‏,‏ ومعدلات العمل لتوفير مسكن ملائم لكل مصري خاصة محدودي الدخل‏,‏ واليوم يزور المنيا لكي يتفقد علي الطبيعة خطوات التنمية في مشروع مصر لتغيير وجه الحياة في صعيدها‏.‏

وعندما نتحدث عن الاحتفال بيوم الخريجين نجد أنه يشير إلي التطور في أسلوب معالجة الحكومة للتنمية البشرية بكل أشكالها‏.‏ فمنذ أربعة عقود علي الأقل والحديث لاينقطع عن تدهور مستويات التعليم وضعف كفاءة مؤسساتنا التعليمية‏..‏ صحيح أننا لم نبلغ بالتعليم في بلادنا المستوي الذي نرجوه إلا أن الواقع الآن يشهد بوجود تطور نوعي في مؤسسات التعليم بمراحله المختلفة‏.‏ وهناك تحرك غير مسبوق لتحديث التعليم المصري والاهتمام بنوعية ما تقدمه المؤسسات التعليمية من برامج دراسية برغم المشكلات الكثيرة التي تواجهنا‏,‏ ومنها مشكلة توفير الفرص التعليمية لما يزيد علي مليون طفل ينضمون سنويا إلي عدد السكان‏.‏ ولذلك كانت سياسات الإتاحة تحتل أولوية علي سياسات الجودة‏..‏ أما اليوم فإن مؤسسات التعليم تواجه المشكلتين معا من خلال التوسع في المدارس والجامعات لزيادة قدرتها الاستيعابية وتطوير مستوي التعليم بالاهتمام بالمدرسين وتأهيلهم ورفع مستواهم المادي والمهني وتطوير البرامج الجديدة‏.‏

وبالطبع فإن سياسات تطوير جودة التعليم لن تؤتي ثمارها فور تطبيقها‏,‏ إذ يتطلب تحقيق الجودة النوعية فيه تغييرات كبيرة في أساليب العمل من مناهج وطرق تدريس وعناصر بشرية وإمكانات مادية وثقافة المجتمع أيضا‏.‏ وبالتالي فإن دعوتنا للمجتمع هي أن يشارك في عملية التطوير والتحديث وألا يقف عقبة أمام مستقبل أبنائنا وعلينا أن ندعم قدراتهم علي التكيف والتأهل في عالم متغير وصعب يحتاج إلي قدرات متميزة نفسيا ومهنيا‏.‏

وبالرغم من تزايد اهتمام الرأي العام بقضايا التعليم وزيادة طلب المؤسسات الاقتصادية علي الخريجين المؤهلين ذوي المستوي الرفيع فإن المشكلة الأساسية أمام التطور والنمو في مصر ورفع مستوي المعيشة لأبنائها هي ضعف قدرات الخريجين المهنية والنفسية‏,‏ وليس هناك مفر من أن تصبح قضايا التعليم والتأهيل في مقدمة قضايا الحوار العام لإشراك الرأي العام فيما يبذل من أجل التطوير‏.‏ ونجاح هذه السياسة مرهون بمدي فهم الناس والرأي العام لها وقبوله بها‏.‏ فالتعليم بكل أشكاله‏,‏ خاصة الجامعي مقبل علي مرحلة الاعتماد وضمان الجودة وهي عملية معقدة ومجهدة ولكنها سوف ترفع مستوي التعليم إلي لمكانة التي تستحقها‏.‏

ومن هنا فإننا ندعو الوزارات ومؤسسات التعليم المختلفة إلي أن ترتفع إلي مستوي التطور‏,‏ وأن تلتحم بالناس في كل المواقع عبر وسائل الإعلام لكي تبصر الأسر المصرية وتشاركهم في التوعية بما تقوم به‏.‏ فنحن في عصر نحتاج فيه إلي التوعية وإشراك الرأي العام فيما تقوم به الحكومة من جهود‏.‏
osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى