مقالات الأهرام اليومى

مساجدنا‏..‏ كنائسنا

كلنا نتفق علي أن مصر يجب أن تشفي من المرض الطائفي‏..‏ الذي يضعف مناعتها وهذا مطلب عاجل لا يحتمل الانتظار‏..

وإن كان وليد التعصب المقيت ورؤي وثقافات موروثة من أحقاب ماضية.. وعلي التعليم والثقافة الجديدة أن تتصدي لها وتنتبه لتعالجها من جذورها ولتتخلص منها مستقبلا!

فاجأتني أحداث كنيسة الشهيدين بقرية صول بأطفيح بحلوان.. قبل أيام وبعد قيام ثورة25 يناير وما حققته من تكاتف وطني وتلاحم بين المسلم والمسيحي في عودة روح المواطنة النادرة.

كرست مفاهيم الوطنية الخالصة وأعادت بعث مكانة المصريين وأسقطت الطائفية.

الحادث الطائفي الجديد.. أعاد لذاكرتنا ما حدث في الأول من يناير لكنيسة القديسين بالإسكندرية.. وضحاياها وشهدائها التي أوجعت الضمير المصري مع بداية عام جديد.. والحق فإن علي الوطن أن يصنع أولوياته.. لنتخلص من آفة خطيرة تؤثر علي مكانة مصر وقدرتها.. فنحن شعب معتدل المزاج.. وأغلبيته المسلمة تحترم المسيحيين بل وتحتضنهم باعتبارهم جزءا أصيلا منها.. لذا فالجوامع والكنائس تتقارب وهي جزء من ثقافتنا.

المسلمون والمسيحيون يعيشون معا.. لم يعرفوا الانفصال يوما أو الابتعاد.. في كل مدننا وأحيائها الراقية والشعبية والعشوائية.. الكل مختلطون في قرانا في بحري وفي الصعيد.. لا تستطيع التمييز بينهم لا شكلا ولا مضمونا.

والذي يعرفه المصريون هو أن دور العبادة واحدة.. الجوامع والكنائس واحدة.. كلها مهابة ولها التقديس والاحترام.. بل إن الكثير من آيات القرآن الكريم تحض علي إحترام دور العبادة وتحريم الاعتداء عليها بكل أشكاله وضمان آمنها وسلامه أصحابها.. لذا فنحن نطلب أن يقوم المسلمون بالجيزة خاصة صول وأطفيح بل وكل مصر بإعادة الكنيسة إلي مكانها وسط المسلمين فهذا احترام للجميع وللوطن.. كل تبرأ من فتنة هي من موروثات عصور الضعف والتخلف.

ولنتذكر أن مساجدنا حق للمسلمين.. واحترام كنائسنا حق عليهم.. وكنائسنا حق للمسيحيين واحترام مساجدنا حق عليهم.. فهذه أرض ظلت آلاف السنين شغوفة بالخالق الأعظم تبحث عنه قبل أن يأتيها خبر السماء.. عرف المصريون دور العبادة قبل أن يبدأ التاريخ.. ومنذ ذلك الزمن البعيد ظلت لدور العبادة قدسيتها ومكانتها في عمق الشخصية المصرية.. ظلت أماكن آمنة يفزع إليها الجميع في زمن الفتن والاضطرابات.. تمنح الأمن لمن يقصدها من المسلمين والأقباط علي السواء.

قصد المسلمون الكنائس بحثا عن العلاج من أمراض لم يعرفوا لها علاجا وكذلك فعل الأقباط.. كم طلب المصريون العلاج بالإنجيل والقرآن دون تفرقة ودون تمييز حين أعيتهم الأمراض وحين أصابتهم الفتن وانتشرت بينهم المجاعات.

اعتاد المصريون أن ينادوا رجال الدين المسلمين والمسيحيين بألقابهم إجلالا وتقديرا لما يقومون به دون تمييز أو تفرقة.. فتنة مصنوعة دخلت مصر ولن تخرج منها إلا أن يعود المصري مصريا كما كان ينشر النماء في الوادي الخصيب. فالأرض لا تمنح خيرها لمسلم دون مسيحي ولكنها تهب ثمارها لكل حبة عرق تبذل بإخلاص وترجو عطاء الله وبركته..ولن تنتقي الأخطار مصريا دون آخر حين تقع قوة الإيمان لدي المسلمين والأقباط.. هي زاد المصريين في السعي نحو الأفضل من العيشة الكريمة.

والكنائس مثل المساجد قوة تشحن وجدان المصري بالإيمان الذي نحتاجه لكي نبني مجتمعا آمنا منتجا وفاعلا.. وحق علي الجميع حماية الكنائس والمساجد حتي تظل النفس المصرية مبرأة من الشرور والآثام.. ملبية نداء الخالق الأعظم بنشر الحب والعمران والسلام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى