مقالات الأهرام اليومى

مبارك ونداء الوطن

يمثل خطاب الرئيس حسني مبارك أمام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشوري الأربعاء الماضي مرحلة جديدة في الخطاب السياسي‏..‏ مرحلة تتشكل ملامحها بما حققناه في سنوات مضت‏,‏ وبما نتطلع إلي تحقيقه في سنوات مقبلة‏.‏ فلقد وقف بنا الرئيس في خطابه أمام ما أنجزناه في مسيرة التطوير والتحديث والإصلاحات الدستورية والتشريعية‏,‏ حيث إننا تجاوزنا باقتصادنا سنوات الركود وحققنا معدلات عالية في الاستثمار والنمو والتشغيل‏.‏ كما وقف بنا الرئيس علي أعتاب مرحلة جديدة نجني فيها ثمار ما قدمنا‏,‏ ونعمل علي تعظيم قدراتنا‏.‏ وحان الوقت ـ كما قال ـ لأن نتدبر عدالة توزيع ثمار النمو والتنمية بين أبناء الوطن في كل ربوعه‏..‏ عدالة ترتكز علي المواطنة وحق المواطن في أن يصل إلي أقصي ما تسمح به قدراته ومواهبه بعيدا عن أي تفرقة أو تمييز‏.‏ ووضع الرئيس قضيتي العدالة الاجتماعية والمواطنة في مقدمة أجندة العمل الوطني في المرحلة المقبلة‏,‏ خاصة أن الاقتصاد المصري بما حققه من نتائج إيجابية قادر علي الوفاء بمقتضيات العدالة الاجتماعية‏,‏ وما تطرحه من تحديات‏.‏ وقد طالب الرئيس بحوار مجتمعي حول الدعم الذي أثقل كاهل الاقتصاد المصري ولم يحقق العدالة الاجتماعية
وشدد علي المشاركة الشعبية في كل قضايا الوطن والتوافق حول لغة تبني بالحوار مستقبل مصر‏,‏ وتعلو فوق دعاوي التشكيك والإحباط‏,‏ وتستلهم الأمل والثقة مما حققناه وتستمد العزم والتصميم مما نتطلع إليه‏.‏

لقد عكس خطاب الرئيس ملامح المرحلة المقبلة حين توجه بالنداء للضمير الوطني المصري‏.‏ وقد استند نداء الوطن في كلماته إلي ستة عقود كاملة قضاها في خدمة هذا الوطن‏,‏ وقد وضع نفسه في كل يوم منها حيث يريد الوطن وحيث تتبدي مصالحه وآماله‏.‏ وقد قاتل علي جبهات حروبه وفي صراعات سلامه ومعارك تنميته‏.‏ وعايش آلام أمته وآمالها‏,‏ وعرف قدراتها وأدرك طموحاتها‏,‏ ولم ينفصل يوما عن هموم أبنائها وتحمل في سبيل ذلك‏,‏ ومازال يتحمل‏,‏ الكثير‏.‏

والحقيقة أن نداء الوطن في خطاب الرئيس كان صيحة استجاب لها المصريون بمختلف فئاتهم‏.‏ وهكذا أعاد مبارك بكلماته إلي الوجدان الوطني معني الحرية التي تجمع ولاتفرق‏,‏ وتبني ولاتهدم‏,‏ الحرية التي وجدت لتدفع المجتمع بكل فئاته خطوات إلي الأمام‏.‏ فلقد نبه المصريين إلي مكانة مصر وقدرها ودورها بعد حملات التشكيك التي طال زمانها ولم يستفق بعد دعاتها‏.‏ وتقدم الصفوف حاملا راية مصر متمسكا بعهد الوطن‏.‏ وجدد أمام المصريين عهدا لم يحد عنه‏,‏ وهو ألا يتردد أو يتراجع عن مصالح أمة عريقة تحمي إستقلالها وحريتها‏,‏ فهي الأرض والعرض والكرامة‏.‏ وقد أشار الرئيس إلي ما يدور حولنا وما يمكن أن يؤثر سلبا علي مسيرتنا فيغتال جهدا كبيرا بذلناه وآمالا عملنا من أجلها طويلا‏.‏ فالاستقرار الذي ننعم به لن يدوم ما لم نعمل علي حمايته ودعمه‏.‏ وقد وضع الرئيس مصر أمانة في عنق كل مصري ألا يراهن علي مستقبل هذا البلد وألا يستجيب لدعاوي التشكيك فيما يقوم به وألا يكون وسيلة للنيل من إرادته‏.‏ وخاطب الرئيس مصر الأبية العزيزة الكامنة في أعماق كل مصري‏,‏ مصر التي لم تنكسر يوما أمام صعاب ولم تتراجع أبدا أمام تحديات‏..‏ وبقيت عبر عصور التاريخ‏,‏ وزالت كل يد امتدت بالعدوان عليها‏.‏

كانت كلمات الرئيس ضرورة لإيقاظ مشاعر الوطنية التي علا فوقها الضجيج والصخب والخلاف والاختلاف باسم الحرية‏.‏ واستمدت هذه الكلمات صدقها من تاريخ مبارك ومسيرة حياته‏,‏ فكانت الاستجابة لها بقدر صدقها وبقدر حاجتنا إليها في زمن نحتاج فيه إلي تفكير عقلاني هادئ ورشيد تحوطه مشاعر الحب والانتماء لهذا الوطن الغالي‏.‏

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى