مبارك في الجزائر.. الحفاظ علي القيم وتجدد العلاقات

لاغني عن علاقات قوية وحميمة بين مصر وكل العرب.. هذا هو هدف مصر, لايتغير ولاسبيل للتردد في تدعيمه والسير في مساره, ولذلك شعر كل المصريين كما أحس كل الجزائريين بقيمة ومعني ومغزي زيارة الرئيس مبارك الخاطفة والسريعة للعاصمة الجزائرية للقاء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
فهو لقاء الأشقاء الذين يلتقون بلا موعد مسبق, فهم معا دائما في السراء والضراء لبناء نظام عربي قادر علي الدفاع عن مصالح العرب وحماية العروبة.
وبالقطع فإن واجب التعزية بين الإخوة يحتل مكانته كقيمة عربية تحفظ للأخوة وللعلاقات الخاصة مكانتها وأولوياتها, لذلك حرص الرئيس مبارك علي أن يكون مع شقيقه الرئيس بوتفليقة ليشاطره الحزن في وفاة مستشاره وطبيبه وشقيقه د. مصطفي بوتفليقة.. تلك قيم عربية, يحرص عليها الكبار ذوو الشيم, ممن يتسمون بالنخوة ويحرصون عليها ويصلون قيم المحبة ويبنون أواصر الإنسانية ومعانيها السامية بين الأسر والشعوب العربية بعري لاتنفصم, تكون قادرة علي تجاوز أي أزمات في مسار الحياة بمتاعبها وصعوباتها التي لاتتوقف, ولايتخلون عن قيمهم ومشاعرهم أمام أي أزمة عابرة أو توتر إنساني, أو حتي اختلاف في وجهات النظر, لأن قيمهم ومشاعرهم الحقيقية تسبق أي ردود فعل. تلك هي قيم الإنسان العظيم وقد عهدناها دائما في رئيسنا مبارك.. لايتخلي عنها, ويحركه ضميره, وحس المسئولية الوطنية والعربية يسبقه دائما.
……………………………………….
ولعلنا لاننسي أنه الرئيس الذي أعاد مصر للعرب, وأعاد العرب لمصر بعد قطيعة سياسية وصلت إلي قطع العلاقات ونقل الجامعة العربية من القاهرة, فكانت أول ملمح في سياسته ورؤيته لمستقبل إقليمنا ومنطقتنا وشعبنا العربي ذي الهوية الواحدة والمتميزة, ووحدة السوق العربية بكل معانيها وجلالها للحفاظ علي الهوية وبناء المستقبل.
زيارة مبارك للجزائر أعادت الدفء الذي انتظرناه لعلاقات البلدين والشعبين. الرئيسان يتعانقان, وأعلام الجزائر مرفوعة في مصر وأعلام مصر مرفوعة ترفرف في الجزائر.
لم يكن هناك جليد بين البلدين.. لم تكن أزمة بين البلدين.. كان هناك توتر خلقته حالة كروية وعاطفة شعبية وإعلام تعصب لها لكسب الشعبية أو الجري وراءها بلا وعي, ولكن الحكمة والوعي دائما ينتصران.
…………………………………………………..
جاء لقاء مبارك وبوتفليقة في نيس في نهاية مايو الماضي ودودا وحميميا, وكان إشارة ومعني للجميع أن مصر والجزائر ليستا دولتين عربيتين فقط فهما قلب العرب وإفريقيا وعمودها الفقري.. الأولي تتحرك في المشرق العربي.. والثانية مركز ثقل المغرب العربي.
لانقول إن الزيارة فاتحة لعلاقات جديدة ولكنها بالقطع قادرة علي تجديد زخم علاقات قوية وقديمة بين بلدين وشعبين تجمعهما محبة وتعصب ليس كرويا فقط ولكنه تعصب للعروبة ولبناء إقليم عربي قوي.
ولاننسي تاريخ مصر والجزائر النضالي والسياسي من أجل قضايا العرب.. وحروب التحرير والاستقلال شاهدة في الجزائر.. ونضالات البلدين من العروبة وفلسطين والدماء المشتركة تاريخ لاينسي.
وكلمة أخيرة أقولها لكل من يزعمون ضعف العلاقات المصرية العربية.. انظروا إلي القدرات المصرية القادرة علي تجاوز أي خلاف وتحويله إلي روابط أقوي وأعمق تصمد لأي توتر أو خلاف في وجهات النظر وتعددها. ولعل القمة الخماسية التشاورية الأخيرة, التي عقدت في طرابلس في28 يونيو الماضي, والتي ضمت مصر وليبيا وقطر والعراق واليمن, دليل حي علي حيوية وقدرة الدبلوماسية الرئاسية للرئيس مبارك علي تجديد العلاقات وبناء المصالحات وبعث العلاقات العربية حية ومؤثرة.. تصمد وتواجه وتبني إقليما عربيا قادرا علي حماية مصالح الإنسان والوطن العربي.
Osaraya@ahram.org.eg
