العراق بين الاحتلال الأمريكي وهيمنة إيران

يجب أن يحظي الموقف في العراق باهتمام عربي كامل, فانفجار الأوضاع الأمنية والملاسنات الأمريكية ـ الإيرانية تكشف عن خطورة الموقف, كما تكشف المجازر الأخيرة عن أن أسبابها المباشرة ترجع إلي إحساس العراقيين بالغبن من اتساع دور إيران الراهن, ونفوذها العميق, وتغلغلها القوي في داخل العراق, وما يؤدي إليه ذلك من استفزاز لبعض القوي واستياء واسع بين أبناء الشعب العراقي سواء الشيعة أو السنة.
فقد أثبتت كل استطلاعات الرأي حتي الأمريكية منها أن القلق من النفوذ الإيراني لا يقتصر علي العراقيين السنة وحدهم, وإنما ينتشر في أوساط الشيعة أيضا, ولذلك لا نستطيع أن نغفل مغزي استهداف الإيرانيين ضمن العمليات الإرهابية التي حدثت أخيرا. كما أن تبرير وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن وراء العمليات الإرهابية من هم من شمال إفريقيا, وحددتهم من( تونس والمغرب), لا يتسم بالدقة.
ومن هنا وجب التنبيه إلي أهمية الأوضاع في العراق بالنسبة للعرب جميعا ـ لأن دور إيران الخطير في العراق سيزداد انكشافا كلما اقترب موعد الانسحاب الأمريكي, وعندما يكتمل الانسحاب, وينتهي الاحتلال, سيظل الوجود الإيراني هو العقبة الأساسية أمام استقلال العراق الكامل, وهذا الوجود الكثيف في اتجاهات متعددة لا يختلف عن الاحتلال الأمريكي نفسه من حيث تأثيره السلبي علي مستقبل العراق وسيادته, وإذا كان الأمريكيون أو بعض العراقيين أو غيرهم لا يدركون ذلك فهم بعيدون كل البعد عن فهم العراقيين والعرب عموما ـ وهذا هو ما حدث تاريخيا في مواجهة الانجليز والأمريكيين مرتين.. الأولي في بداية القرن العشرين والثانية في بداية القرن الجديد وفي حرب العراق وإيران الطويلة.
وما يجب علي الجميع إدراك مغزاه ومعناه هو أن العنف الأخير سيصبح هو الوضع الدائم, فقد يصبح الوجود الإيراني غير الشرعي في العراق, هو الوقود والذريعة والمناخ الذي يهييء الفرص والذرائع لاستمرار العنف والإرهاب ليس في العراق وحده ولكن في امتداداته الجغرافية في الخليج والشام وحتي مصر, وذلك بالرغم من الجهود المخلصة التي يجب أن نعترف بها للحكومة العراقية والقوي السياسية والاجتماعية العراقية التي تبذلها أخيرا للحفاظ علي استقلال العراق وسيادته.
إلا أن الحكومة العراقية لن تكون قادرة وحدها علي الحفاظ علي هذا الاستقلال بدون مساعدة إيجابية وقوية من شقيقاتها العربيات لأن المواجهة واسعة وممتدة مع إيران في المرحلة المقبلة.
ولابد أن تمتد اليقظة العربية لمراقبة الحوار الأمريكي ـ الإيراني, حتي لا يكون علي حساب العراق, فالمفاوضات بين الطرفين المحتلين عمليا للعراق تخص العراق مباشرة, ولذلك فالعراق يحتاج لدعم أشقائه أكثر من أي فترة أخري علي مدي تاريخه الممتد.
ويجب ألا يلتقي الطرفان المعتدي والمحتل( أمريكا وإيران) علي حساب مصالح العرب في( الخليج والعراق) معا, فالعرب ليسوا هم الحلقة الضعيفة في هذه التطورات, حتي وإن كانت هناك مشروعات للآخرين تتناقض هنا أو هناك مع مصلحة عربية حقيقية, فيجب أن نقف ضدها, ونحذر كل الأطراف من تأثيراتها المستقبلية حتي علي مصالحهم المباشرة, فالأمريكيون لن يكونوا بمأمن حتي لو انسحبوا بالكامل من العراق, والإيرانيون لن تستقر أمورهم إقليميا حتي لو كان لهم نفوذ أو هيمنة علي العراق أو لبنان وسوريا معا.
فالعراق بعد ست سنوات من الاحتلال والمقاومة الشرسة لن يقبل أهله العراقيون العرب أن يقع تحت احتلال أو هيمنة إيرانية فارسية تلبس جلباب الدفاع عن الطائفية, وتصدرها لكل بلداننا العربية.
ولابد أن يوجه التحذير للجميع حتي في الحوار العربي مع إدارة أوباما, لتعرف أن العرب جميعا مع العراق الحر المستقل عن الأمريكيين وعن الهيمنة الإيرانية البغيضة.
osaraya@ahram.org.eg
| يجب أن يحظي الموقف في العراق باهتمام عربي كامل, فانفجار الأوضاع الأمنية والملاسنات الأمريكية ـ الإيرانية تكشف عن خطورة الموقف, كما تكشف المجازر الأخيرة عن أن أسبابها المباشرة ترجع إلي إحساس العراقيين بالغبن من اتساع دور إيران الراهن, ونفوذها العميق, وتغلغلها القوي في داخل العراق, وما يؤدي إليه ذلك من استفزاز لبعض القوي واستياء واسع بين أبناء الشعب العراقي سواء الشيعة أو السنة. فقد أثبتت كل استطلاعات الرأي حتي الأمريكية منها أن القلق من النفوذ الإيراني لا يقتصر علي العراقيين السنة وحدهم, وإنما ينتشر في أوساط الشيعة أيضا, ولذلك لا نستطيع أن نغفل مغزي استهداف الإيرانيين ضمن العمليات الإرهابية التي حدثت أخيرا. كما أن تبرير وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن وراء العمليات الإرهابية من هم من شمال إفريقيا, وحددتهم من( تونس والمغرب), لا يتسم بالدقة. ومن هنا وجب التنبيه إلي أهمية الأوضاع في العراق بالنسبة للعرب جميعا ـ لأن دور إيران الخطير في العراق سيزداد انكشافا كلما اقترب موعد الانسحاب الأمريكي, وعندما يكتمل الانسحاب, وينتهي الاحتلال, سيظل الوجود الإيراني هو العقبة الأساسية أمام استقلال العراق الكامل, وهذا الوجود الكثيف في اتجاهات متعددة لا يختلف عن الاحتلال الأمريكي نفسه من حيث تأثيره السلبي علي مستقبل العراق وسيادته, وإذا كان الأمريكيون أو بعض العراقيين أو غيرهم لا يدركون ذلك فهم بعيدون كل البعد عن فهم العراقيين والعرب عموما ـ وهذا هو ما حدث تاريخيا في مواجهة الانجليز والأمريكيين مرتين.. الأولي في بداية القرن العشرين والثانية في بداية القرن الجديد وفي حرب العراق وإيران الطويلة. وما يجب علي الجميع إدراك مغزاه ومعناه هو أن العنف الأخير سيصبح هو الوضع الدائم, فقد يصبح الوجود الإيراني غير الشرعي في العراق, هو الوقود والذريعة والمناخ الذي يهييء الفرص والذرائع لاستمرار العنف والإرهاب ليس في العراق وحده ولكن في امتداداته الجغرافية في الخليج والشام وحتي مصر, وذلك بالرغم من الجهود المخلصة التي يجب أن نعترف بها للحكومة العراقية والقوي السياسية والاجتماعية العراقية التي تبذلها أخيرا للحفاظ علي استقلال العراق وسيادته. إلا أن الحكومة العراقية لن تكون قادرة وحدها علي الحفاظ علي هذا الاستقلال بدون مساعدة إيجابية وقوية من شقيقاتها العربيات لأن المواجهة واسعة وممتدة مع إيران في المرحلة المقبلة. ولابد أن تمتد اليقظة العربية لمراقبة الحوار الأمريكي ـ الإيراني, حتي لا يكون علي حساب العراق, فالمفاوضات بين الطرفين المحتلين عمليا للعراق تخص العراق مباشرة, ولذلك فالعراق يحتاج لدعم أشقائه أكثر من أي فترة أخري علي مدي تاريخه الممتد. ويجب ألا يلتقي الطرفان المعتدي والمحتل( أمريكا وإيران) علي حساب مصالح العرب في( الخليج والعراق) معا, فالعرب ليسوا هم الحلقة الضعيفة في هذه التطورات, حتي وإن كانت هناك مشروعات للآخرين تتناقض هنا أو هناك مع مصلحة عربية حقيقية, فيجب أن نقف ضدها, ونحذر كل الأطراف من تأثيراتها المستقبلية حتي علي مصالحهم المباشرة, فالأمريكيون لن يكونوا بمأمن حتي لو انسحبوا بالكامل من العراق, والإيرانيون لن تستقر أمورهم إقليميا حتي لو كان لهم نفوذ أو هيمنة علي العراق أو لبنان وسوريا معا. فالعراق بعد ست سنوات من الاحتلال والمقاومة الشرسة لن يقبل أهله العراقيون العرب أن يقع تحت احتلال أو هيمنة إيرانية فارسية تلبس جلباب الدفاع عن الطائفية, وتصدرها لكل بلداننا العربية. ولابد أن يوجه التحذير للجميع حتي في الحوار العربي مع إدارة أوباما, لتعرف أن العرب جميعا مع العراق الحر المستقل عن الأمريكيين وعن الهيمنة الإيرانية البغيضة. | ||||
